الكاتب المسرحي مرادالسباعي(1914-2002) واحد من منوري عصر النهضة في سورية، ولد في حمص لأسرة ميسورة الحال، في بيت اجتمع فيه السياسيون والكثير من المثقفين والأدباء، كانت أسرته تعنى بالموسيقا والغناء وهذا ما قربه من عالم الفن فيما بعد.
فتح عينيه على مكتبة الأسرة التي توافرت فيها الكتب الروائية والقصة والمسرحية الفرنسية، ما ساعد على كتابة النص المسرحي.... وانعكس في كتاباته الوضع الاجتماعي السائد وقتها في مدينته.
تعرف السباعي على المسرح وأحبه عندما كان في الـ 16 من عمره من خلال بعض أصدقاء أسرته المسرحيين الذين عملوا في حمص عبر أحزابهم السياسية، حيث كان المسرح يشكل أداة نضال ثقافي ضد الاستعمار الفرنسي، ونظراً لوسامته كان المخرجون يسندون إليه أدوار الفتيات التي برع فيها.
وعندما تمكن من حرفة المسرح، بدأ يكتب نصوصاً مسرحية قصيرة قدمها مع فرقة المسرحيين السياسيين التي أسهها مع بعض أصدقائه ما بين عامي 1920-1925 لكنه لم يحتفظ بأي نص من تلك النصوص.
يقول السباعي في كتاب سيرته الذاتية( شيء من حياتي):« لكن مسرحياتي كما كنت أرى أنا، لا الجمهور» لم تكن بالمستوى الجدير بأن أحتفظ بها، فأحرقتها غير آسف.
وكانت أول مسرحية كتبتها، وكنت راضياً عنها هي ( ضابط عثماني) عام1935 وعرضت لاحقاً على شاشة التلفزيون العربي السوري.
في الفترة بين عامي(1920-1935) تعرض السباعي لمضايقات اجتماعية وسياسية لنشره ثقافة وطنية مضادة للوضع الاجتماعي والسياسي في تلك الفترة وخاصة أنه كان أول من جمع بين النساء والرجال لمشاهدة عرض مسرحي في إحدى دور حمص القديمة، فقد كان المسرح عنده عملاً اجتماعياً تحريرياً إضافة لكونه عملاً فنياً ثقافياً.
أسس مع رفاقه نادي دوحة الميماس يضم الموسيقا والمسرح إضافة لفرع آخر هو الرياضة انطلاقاً من عملهم السياسي ونضالهم ضد الفرنسيين.
في هذه الفترة 1933 قدم السباعي أهم عمل مسرحي دام عرضه8 ساعات عن نص(اللصوص) للكاتب الألماني شيلر، وظهر فيه لأول مرة في ثياب الرجال ما بين الثلاثينيات ومنتصف الأربعينيات.
عاش السباعي حالة إحباط لتراجع الحركة المسرحية وخاصة مع بدء الحرب العالمية الثانية، فاتجه إلى رصد الواقع من خلال القصة القصيرة، فنشر قصصه القصيرة في مصر عام 1952 ثم توالت منشوراته القصصية حتى عام 1962 فتم انتدابه من وزارة الثقافة لتأسيس فرقة مسرحية حمص... في هذه المرحلة نضج السباعي كاتباً مسرحياً ومخرجاً ومصمماً للديكورات فقدم أحد أهم أعماله المقتبسة من المسرح العالمي.. أنت أبي، معركة في طاحون، قطعة الدافتيل، ضابط عثماني وغيرها).
وهذه المجموعة من تأليفه وقدم فن المسرح العالمي ( دورة الربيع) لطاغور و(أثر فني) لتشيخوف، واستمرت الفرقة حتى عام 1965 ونال عام 1961 الجائزة الأولى عن مسرحية (شيطان في بيت) وترأس السباعي اتحاد الكتاب العرب بحمص بين عامي 1972-1982.
مراد السباعي أيضاً هو أحد مؤسسي رابطة الكتاب السوريين وترجمت بعض أعماله إلى اللغة الروسية والألمانية والأوكرانية.