تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في حضرة التاريخ... ومن دمشق .. البداية

كتب
الأربعاء 25-4-2012
هفاف ميهوب

لاشك أن الكتابة عن امرأة استثنائية أمرٌ يستحق معرفة من هي وسبب استثنائها وأيضاً السلالة التي انحدرت منها وصولاً إلى استحقاقها بأن يكتب عنها كوثيقة تاريخية نادرة.

أما الكاتب الذي لم يكن الوحيد الذي خص تلك المرأة بالاستثناء، فهو الدكتور الأخضر قويدري، أستاذ الإرشاد النفسي والفلسفة الإسلامية في جامعة الأغواط بالجزائر، والذي لم يكتب عنها إلا بخبرة المتمكن من استخراج حكمة العقل والروح، ممن جالسها وحادثها وتزود مما لديها من حكايا ورسائل ووثائق، ما دل على أنها فعلاً وكما قال في كتابه« ومضات من حياة الأميرة بديعة الجزائري»: مسكونة بحب التاريخ فماضيها التاريخ وحاضرها التاريخ ومستقبلها التاريخ، وهاجسها اليومي التاريخ، فهي تتنفسه في كل لحظة من لحظات حياتها، وتتمثله في كل أنة من أنات عمرها.‏

إنها حفيدة المجاهد عبد القادر الجزائري ودون أن يكون هذا هو سبب استثنائها ذلك أنها أيضاً كاتبة ومفكرة ومؤرخة، قضت عمرها في البحث والتدوين، وإلى أن اعتبرت بحق وثيقة صادقة وشهادة حية على عصر ذهبي لأسرة عظيمة لم يرتبط اسمها بتاريخ الجزائر فقط بل بسورية وتاريخ الأمة الإسلامية بأكملها..‏

الكتاب عبارة عن فصول أولها: بتطوان كانت ولادتها وفيه يحكي« الأخضر» عن سلالة الأمراء المجاهدين التي انحدرت منها وعن ولادتها في تطوان ومن ثم مغادرة أسرتها إلى دمشق، نزولاً عند طلب جدتها لأمها، وكان ذلك بعد أربعة أشهر من ولادة الأميرة بديعة.‏

الفصل الثاني: «قصر دمر... تاريخ وإلهام» وفيه حكايا القصر الذي شيده جدها الأمير عبد القادر وأقام فيه وإلى أن أعدمه جمال باشا السفاح، وبقي كابوس إعدامه جاثماً على صدر أفراد الأسرة التي أنعشت الأميرة جنبات قصرها وأرجائه مستمدة من الصور التي دققت فيها، والحكايا التي سمعتها والذكريات التي عاشتها ما باحت به ذاكرتها كباحثة تقول:‏

كنت أسمع قصصاً وحكايات منها الممتع المفرح، ومنها الحزين في ذلك الجو العائلي الذي كنا نعيشه في ذلك القصر... كنت ألاحظ دوماً حزناً عميقاً في أعين الجميع. كانوا لا يخفون أسفهم الشديد على غياب صاحب هذا القصر.‏

الفصل الثالث: «أبواها الأمير مصطفى والأميرة شفيقة» بعد مغادرة أسرة الأميرة للقصر الذي سكنه بعدهم لاجئون فلسطينيون 1948 تتوالى ذكرياتها الباقية أبداً وعن أخلاق والديها وحكمتهما وطيبتهما وما أمداها به من معارف تاريخية ودينية وسياسية، وإلى أن فقدت الأب المرشد والصديق والحكيم وكذلك والدتها الطيبة والحانية والمضحية، لتنهمك وهي ابنة السادسة عشرة، بإكمالها تعليمها في « دوحة الأدب» أول مدرسة وطنية أنشأتها جمعية نسائية من سيدات دمشق في عهد الانتداب الفرنسي على سورية.‏

الفصل الرابع: «في رعاية جدها سيدي الكبير وجدتها الأميرة زينب» وفي هذا الفصل، تأثير الروافد المتعددة على فكر وثقافة ووطنية الأميرة التي رضعت من أجدادها حب الجزائر مثلما سورية لطالما الأهل أهلها والشقيقة بلادها، بل كل قطر عربي قطعة من فؤادها.‏

الفصل الخامس: «زوجها الشاعر والضابط عدنان العجلاني»، يبدأ هذا الفصل بالحديث عن تعرف هذا الضابط بها، ومن ثم بعرض القصائد التي كان يرسلها إليها تودداً وحباً وصولاً إلى زواجه بها والعيش في بيتٍ يسوده الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن.‏

الفصل السادس: «يوميات حزينة في لندن»، أول هذه اليوميات إصابة زوج الأميرة بشظايا إحدى القنابل في حرب 1948 واضطرارها للسفر به إلى لندن، لإجراء عملية في دماغه ولاستئصال ندبة سببت له نزيفاً في الدماغ.‏

في لندن، الضباب، لا شيء إلا نزيفها لمصير شريك حياتها ونزيف شوقها لأولادها وهكذا، إلى أن عادت بعد ثلاثة أشهر من ديار الغربة، برفقة زوجٍ مجاهد أهدى نصف جسمه قرباناً لوطنٍ أمضى ما تبقى من حياته يمارس واجبه تجاهه رغم معاناته التي انتهت برحيله وفي صباح عيد الشهداء.‏

الفصل السابع: «الحس النضالي في شخصية الأميرة بديعة» وفيه ما يؤكد نضالها وإنسانيتها وسعيها للوحدة العربية وتحرير الأراضي المغتصبة وإيماناً بمبدأ قالت عنه: إذا لم يبق في هذه البلاد سوى رجل واحد أو امرأة تسعى إلى إعادة الوحدة فأنا الثانية ولا أريد الاستسلام لقيادةٍ ما، وإنما أنا مجندة فحسب.‏

الفصل الثامن: «عاشقة للتاريخ، مولعة بالجزائر»، في هذا الفصل يؤكد الأخضر تعمقها بتاريخ الجزائر وبالأخص فيما يتعلق بجهاد ومقاومة الأمير عبد القادر الجزائري ومن خلال عرض ما قاله أصدقاء زوجها وعارفوها ومنهم الدكتور عفيف البهنسي الذي قال عنها: من خلال سعيها، استطاع كثير من الأجيال في سورية والجزائر وغيرهما من الأقطار العربية والإسلامية، أن ينظر إلى تاريخ المقاومة الجزائرية نظرة إعجاب وإكبار.‏

لقد كتبت كثيراً عن جدها الأمير وصححت كثيراً من الأخطاء المبثوثة في الكتب وقدمت هدايا أثرية معتبرة لمتحف المجاهد الكائن بمقام الشهيد بالجزائر.‏

الفصل التاسع: أم كريمة وأبناء كرام منحت أولادها ما منحه إياها أجدادها ومن أجل أن يكونوا كما كانت في الأخلاق والحكمة والوطنية.‏

الفصل العاشر: «شهادة صدق من ابنة لأمها»: وهي ابنتها بتول التي اعترفت أنها رضعت من والدتها حب الوطن والكرامة العربية، قائلة: كانت أمي فرداً من أولئك الذين استطاعوا أن يتمثلوا في نفوسهم التيارات الروحية والثورية التي كانت تسري خفية في أعماق أمتهم وحضارتهم.‏

الفصل الحادي عشر: «تأملات في فكر الأميرة بديعة» وهو الفصل الأخير، ويحكي عن هاجسها التاريخي ورغبتها بإبراز ما تراه جديراً أن يعرف عن جدها الأمير عبد القادر وأسرته الهاجس الذي جعلها تكتب عن تاريخه الذي بات جزءاً من حياتها تماماً كما كان كل من عاصرتهم وأصبحوا جزءاً أساسياً في كتاباتها.‏

أخيراً اعتمد مؤلف مقتطفات من حياة الأميرة بديعة على ما قدمته له الأميرة من وثائق وصور ورسائل كتبت بخط يد أصحابها، وقد عرضها جميعها وفي كل فصل من فصول الكتاب، مؤكداً بذلك أن الأميرة كانت ومازالت في حضرة التاريخ ومن دمشق.‏

‏

الكتاب: ومضات من حياة الأميرة بديعة حسني الجزائري - تأليف: د. الأخضر قويدري أستاذ الإرشاد النفسي والفلسفة الإسلامية في الجزائر. - صادر عن الجزائر، جامعة الأغواط 2011‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية