تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فنـــــون الأداء .. مـــــن عفويــــة إلـــى مخمليـــة

فنون
الأربعاء 25-4-2012
هفاف ميهوب

وكأن كل شيء في هذه الحياة، بات مرتبطاً بتطورها، وإلى الحد الذي أدى إلى انسلاخ الإنسان عنها وعن وجوده، محيطه، أحا سسيه ودوره والأهم فاعلية مهنته.

‏‏

أقول هذا وأنا أرى مقدارما باتت العلاقات الإنسانية تفتقر إلى ما كانت تستند عليه أيام عفوية الألفة والمودة والتعاطف مع جميع الشرائح الاجتماعية، وهو ما انعكس على كل جوانب الحياة التي منها الفنية. ذلك أننا لم نعد نشعر بأنها قادرة على جذبنا إلى ما كانت تجذبنا إليه، أيام انسجامها مع حياتنا مثلما مع الفنان الذي كان وفياً في تجسيد أي دورٍ من الأدوار التي أقنعنا من خلالها، بأنه شخصية طبق العفوية، وعن شخصيات كثيرة نعيش معها أو نصادفها في حياتنا العادية.‏‏

من تلك العلاقات، الأسرية والاجتماعية والمهنية والعاطفية التي استطاع كل فنان جسد دوراً فيها أن يلاحق شغفنا لما كان عليه واقع الحال وإلى أن هزمت حميمية وصدق وأخلاق تلك العلاقات . وبحكايا واقعٍ فرض على الفن أن يتقن نقل ما يحيط بنا، وكما هو عليه من بشاعة وانفصام ونفاق وتشرذم وأهواء وانحرافات..‏‏

أما أكثر العلاقات التي خلعت عن الفن عفويته، فهي علاقة الأم بأولادها. تلك العلاقة التي كثيراً ما جذبتنا إلى أكثر من عملٍ درامي، وبطريقةٍ من شدة ما أخلصت الفنانة فيها لدورها. أجبرتنا على التعاطف معها بل مع كل دمعة وكلمة فيهما من دفق العاطفة والإحساس. ما يجعلنا اليوم نتساءل : يا ترى ، هل تطور الحياة هو السبب في جعل عواطفنا تتبلد أمام أدوار الأمومة، ودون أن تتأثر بها أي حاسة من حواسنا؟.‏‏

ربما، بل بالتأكيد. لطالما تحول خوف الأم على أبنائها وسواء من غربة سببها الهجرة بحثاً عن المورد أم من أحكام فرضتها ظروف الحياة، إلى ماضٍ مجرور بعواطف كم جرت الفنانة نجاح حفيظ عواطفنا معها في «دمشق يا بسمة الحزن» و«جذور لا تموت».‏‏

وسواهما من أعمالٍ أخمدت كل عواطفنا لتشعل العاطفة الأمومية .‏‏

أيضاً، كم تعاطفنا مع دور الأم الدمشقية، في «الخوالي» و«ليالي الصالحية» وغيرهما من أعمالٍ أخلصت فيها الفنانة هالة شوكت لهكذا دور، وبكل ما جسدته من ولعٍ وحنوٍ وخشية على ابنها نصار أو المعلم عمر ما جعلنا نشعر أننا نعيش معها الأمومة الحقيقية.‏‏

بيد أن انشغال الحياة بالقضايا الكبيرة المليئة بإشكاليات اجتماعية وسياسية وثقافية ذات انعكاسات خطيرة، هو ما جعل الدراما السورية تتناول موضوعات حولت دور الأم، من متفانية ومقهورة وحانية وعاطفية إلى لا مبالية وعاجزة وفوضوية في طريقة تعاملها مع أبناء بلغوا من اندثار العادات والتقاليد والواجبات حداً لم يعد ينفع معه إلا اللامبالاة والإهمال، وبما يتماشى مع الحرية الشخصية.‏‏

لكن، ولكي لا نبخس الأم الواعية والمثقفة والعقلانية دورها نقول حتماً تمكنت الفنانة نادين من تجسيد هكذا دور وخصوصاً في «نساء صغيرات» و«حاجز الصمت» وكذلك «خط أحمر».. حيث كانت قوية الشخصية وواعية لكيفية درء الخطر أو محاكاته من خلال محاكاة واقع فرضت عليها أمومتها أن تبشر بانعكاساته الخطيرة على أجيال خشيت عليها الانزلاق في الأخطر.‏‏

هنا ،نتوقف لدى دورها في «ماوراء الشمس» الدور الذي كان شديد الخصوصية لطالما تميز بحكمة في منح عاطفة مثلما أثرت في «علاء» الذي جسد دور ابنها وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أثرت فينا وإلى الدرجة التي أصبح فيها هذا الدور من أروع الأدوار التي أقنعتنا بالأمومة الدرامية .‏‏

كل هذا لا يعني أن بقية الفنانات ممن جسدن هذه الأدوار سواء الشريرة أم القاسية أم الأنانية أم المتحضرة أم حتى العاطفية، لم يستطعن إقناعنا بأمومتهن الفنية لكن فقط، وعلى سبيل ما ذكرنا، تعرضنا لأكثرها ماتابعناه فتأثرنا حد رسوخه في عواطفنا مثلما أذهاننا.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية