فبعد أن كان طبق «التبولة والفتوش» وسواهما من أصناف الخضرة الغنية بالفيتامينات عنوان ترحيبٍ بكل ضيفٍ عزيزٍ في أي وقتٍ ومناسبةٍ لما نكنه جميعاً من غرام لهذه الأطباق التي يغبطنا عليها كل زائرٍ لبلادنا تحولت إلى عامل خوفٍ وتوجسٍ مما تخبئه بين وريقاتها من أمراضٍ، وذلك بهمة مزارعين نسوا الله عندما سمحوا لأنفسهم استخدام المياه المالحة الناتجة عن المنازل والمعامل بشكلٍ مباشرٍ دون معالجةٍ لسقاية منتجاتٍ زراعيةٍ لا تؤكل إلا نيئة ولها في قاموسنا الغذائي مكانة وقيمة كبيرة.
والمشكلة أن هذا الأمر لم يعد محصوراً بمنطقة ٍ ما بل استشرى وطال معظم مناطق ريف دمشق وسواها التي تشكل رافداً رئيسياً لأسواق مدننا بالسلع الغذائية التي تعدُ الأساس في وجبات معظم أسرنا ، والسبب بلا طول تفكيرٍ بقاء كل ما تعصف به الأذهان ..وتجود فيه القرائح من قراراتٍ وتعليماتٍ وتوجيهاتٍ في اجتماعات المعنيين حبراً على ورق لأن التطبيق يلزمه نزول إلى الميدان ومعاينةً للواقع ،والأهم اجتثاث كل مخالفةٍ وهذا مستحيل مع كثرة المستنقعات وما تسببه من انتشارٍ للروائح الكريهة والجراثيم المستوطنة والحشرات اللاسعة ،والأمثلة كثيرة ولاتحتاج إلا «كمَاماتٍ» ونياتٍ صادقةٍ للقيام بجولاتٍ على الريف القريب جداً لدمشق .
وإلى أن يتم ذلك نقول لكل نباتي قاطع اللحوم البيضاء والحمراء وسواها من الألوان إما لكثرة هرموناتها أو ليراتها ،وبات مضطراً للتقنين بتناول الخضرة لكثرة جراثيمها وأمراضها أن يعود للبساطة ويكتفي بالخبز والزيتون وقليلٍ من البطاطا .