فقد أعلن عن ذلك صراحة في أثناء زيارته إلى السعودية وفي خطابه المطول في قاعة جامعة القاهرة, مؤكداً على إقامة دولتين (فلسطينية وإسرائيلية) انطلاقاً من حق الفلسطينيين في العيش ضمن دولة مستقلة وذات سيادة تنهي حالة الصراع العربي-الإسرائيلي الذي استمر منذ الربع الأول من القرن الماضي وحتى الآن بسبب طبيعة الكيان الصهيوني العدوانية والرافضة لأي تسوية تعيد الأرض إلى أصحابها وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية وتعترف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة خاصة به.
كما طالب الرئيس أوباما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة إلى البيت الأبيض بضرورة وقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية ولكن نتنياهو بدا وكأنه لم يسمع أياً من هذا الكلام وتحدث بشكل عام عن الإرهاب وحماية (الدولة) الإسرائيلية وتهويد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية ولا سيما في القدس وما حولها.
ولم يكتف نتنياهو بهذا الموقف المتجاهل لمطالب الرئيس أوباما بل أعلن في خطابه أمام الكنيست، يوم الاثنين في 14/6/2009 عن حل دولتين على أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وذات سلطات محدودة, إضافة إلى الإعلان صراحة عن (الهوية اليهودية لدولة) (الكيان الصهيوني) وبذلك نسف كل الجهود الرامية لإحلال السلام بل ضرب عرض الحائط، ما يطالب به الرئيس أوباما وتعهداته لحل الأزمة من خلال إرسال الوفود والمبعوثين تباعاً إلى المنطقة وفي مقدمتهم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وجورج ميتشل اللذان أكدا أثناء زيارتهما للأراضي الفلسطينية المحتلة عزم الإدارة الأمريكية الحالية على إطلاق عملية السلام عامة وحل الدولتين في فلسطين خاصة.
والسؤال الذي يمكن طرحه حول تلك المواقف المتباينة كيف يمكن التوفيق بين تصريحات الرئيس أوباما وطاقم إدارته المعبرة عن بذل الجهود المطلوبة لتفعيل عملية السلام العادل والشامل وبين تصريحات نتنياهو وأركان حكومته المتشددين الذي يرفضون الاعتراف بالدولة الفلسطينية بل يطالبون بتهجير ما بقي من العرب تحت السلطة الإسرائيلية إثر نكبة 1948 وذلك بقصد تهويد القدس وغيرها من الأراضي التي يسكنها العرب الفلسطينيون أصحاب الأرض الأصليون لا بل معاقبة كل من لا يعترف بيهودية هذه الدويلة (الاستيطانية) غير الشرعية على أرض استولت عليها بالقوة؟.
لا شك أن تصريحات رئيس حكومة الكيان الصهيوني الأكثر تشدداً وعنصرية تجاه العرب عامة والفلسطينيين خاصة لا تبشر بانفراج في طريق عملية السلام التي يدعو إليها باراك أوباما وإنما تشير إلى إغلاق كل الأبواب التي كانت مفتوحة أو يمكن أن تفتح من جديد لمبادرات بناءة وجادة لإحلال السلام وعودة الحقوق إلى أصحابها وفي منطق الحق والتاريخ وقرارات الشرعية الدولية بهذا الخصوص.
وإذا كانت الإدارات الأمريكية السابقة لم تستطع التأثير في الموقف الإسرائيلي المتعنت تجاه عملية السلام بسبب دعمها المطلق لهذا الكيان فهل تستطيع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة أوباما على الرغم من إعلانها عن العلاقة العضوية مع الكيان الصهيوني أن تثني حكومة نتنياهو عن مواقفها المتصلبة وتغير من أسلوب تعاطيها مع المتغيرات الإقليمية والدولية وتستجيب لاستحقاقات الشرعية الدولية وتعترف بالتالي بدولة فلسطينية ذات سيادة، لها الحق في أن تعيش كالدول الأخرى ضمن حدود آمنة ومعترف بها وتمتلك مقدرات النمو والتقدم والدفاع عن النفس؟.
إن ذلك مرهون بالرد الأمريكي على تصريحات نتنياهو ومدى فاعلية هذا الرد في التأثير على السياسة الأمريكية في المنطقة حاضراً ومستقبلاً وكيفية التعامل مع حكومة نتنياهو ذات الطابع العنصري المتطرف.
لقد وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإنجاز عملية السلام خلال عام فهل يتحقق هذا الوعد أم سيكون مصيره كمصير وعود الإدارات الأمريكية السابقة؟ لا يزال هناك متسع من الوقت وإن غداًَ لناظره قريب.