وفي الجمعة التي سبقتها بلغت مدة رئاسة أوباما مئة وخمسين يوماً و هو الذي يحاول وضع نهاية حاسمة للتعذيب الذي أقرته إدارة بوش – تشيني.
وعدم تمكن اوباما من تحقيق ذلك ما هو إلا خزينا الجمعي.والأسوأ من ذلك أن الرئيس اكتشف انه يفتقد تماما للدعم لأجل الحيلولة دون وقوع بشاعات مستقبلية من هذا النوع عن طريق التحقيق الملائم و محاسبة المسؤولين.
شيء شرير يتسرب إلى روح أمتنا. فتلك السنوات الكثيرة التي كنا فيها نشيح بوجوهنا و نختار تجاهل تعذيب المعتقلين في سجون الولايات المتحدة قد أدت إلى تآكل الفضيلة.والأميركيون الذين أعلنوا أنهم يؤمنون بالكرامة الانسانية و القانون، لم يصدمهم السلوك اللا إنساني و اللا شرعي. و بدا الكثير من المؤمنين مستعدين لتحمل القسوة التي لا توصف. و أضحى المسيحيون أتباع من ذاق العذاب من سلطات زمانه، مستعدين الآن لتبرير استخدام الحكومة للتعذيب.
و هذا يذكرنا بألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي حين لم يكن للقساوسة الكاثوليك و البروتستانت صوت يسمع. و مثال حديث كان في نيسان 2008 حين زار البابا الولايات المتحدة ، و حينها كانت العناوين الرئيسية في الصحف تتحدث عن تورط كبار قادة حكومتنا في التعذيب. غير أن البابا تجاهل القضية كليا.
و بالتأكيد الصمت الأصم للمؤسسة الكنسية ، مع بعض الاستثناءات، يلعب دوراً في الاستطلاع الحديث الذي يظهر أن أغلبية الأميركيين المواظبين على الذهاب للكنيسة يؤمنون أن التعذيب قابل للتبرير.
و نحن كقادة مؤمنين نجد هذا صادم و مخز. و ليس من ثقل مواز للغوغائية و سياسة الخوف المسيطرة ، هذا و لم نتحدث عن أخلاقية القضية.
و إن كنت تظن أن التعذيب توقف فإنك مخطئ. فبسبب الوضع البائس لوسائل إعلامنا المتحدة تحتاج لجهد كبير لمعرفة ما يحدث فعلا.فعلى سبيل المثال اقرأ بتمعن ما كتبه محامي حقوق الإنسان “ سكوت هارتون” في الخامس عشر من حزيران، إذ تحدث عما أسماه مخلفات نظام التعذيب من حقبة بوش القائم على برنامج الإطعام القسري و هو الذي منع من قبل منظمة الصحة العالمية عام 1991. و سجين غوانتانامو « عبد الله صالح الحنشي» ، أحد ضحايا هذا البرنامج، مات في الأول من حزيران و كان السبب الظاهري هو الانتحار.
وسيكون من الممتع رؤية فيما إذا كان المسؤولون في إدارة اوباما سيتصرفون بالطريقة القاسية التي قام بها سلفهم في العاشر من حزيران 2006 حين انتحر ثلاثة من سجناء غوانتانامو.إذ وصف « هاري هاريس» المسؤول عن السجن الانتحار حينها أنه «حرب لا متناسقة تشن ضدنا» .
و يبدو جليا أن الرئيس أوباما سيستفيد قدر الإمكان من سلطته السياسية. إذ قام مقابل معارضة شديدة بإصدار “ مذكرة التعذيب” (و هي أكثر قطعة نثرية مخزية نشرت من قبل وزارة العدل) و لكنها كانت تكره المضي لأبعد من ذلك.
ربما كان أوباما يأمل أن نقرأ تلك المذكرات و أن نغضب بالشكل الملائم فنخلق ضغطاً يساعده لمواجهة محبي التعذيب الذين لا يزالون في بطانته.
بقلم ديانا جيبسون وزيرة الكنيسة البروتستانتية و راي ماك كوفيرن مسؤول سابق في السي آي ايه على مدار ثلاثين عاما.
24/6/2009