منصاعاً في ذلك إلى التوجيهات التي يتلقاها من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التي أكد بها عليه مراراً وتكراراً بعدم الافصاح عن وجهات نظره المتشددة تحسباً من تعكير صفو العلاقات مع إدارة أوباما لكن يبدو أن ليبرمان قد خرج عن هذا الالتزام في المقابلة المطولة التي أجرتها معه مجلة تايم عندما أخذ بتوجيه اللوم إلى الدول الغربية لأنها تتخذ موقفاً حازماً لدعم الإصلاحيين في إيران ثم قال: يقف على رأس السلطة في هذا البلد نظام متعصب متطرف على الرغم من وجود الكثير من الشباب الذين لديهم الاستعداد التام للقتال والموت في سبيل إجراء التغيير لو أتيح لهم تلقي الدعم والمساعدة من الغرب، واستطرد بالقول «إن استمرار النظام الإيراني في الحكم سيفضي إلى عدم وجود شريك مقبول يمكن إجراء الحوار معه، كما وأن استمرار هذا النظام أمر مثير للإزعاج، وخاصة أنه يظهر أن المتطرفين هم الذين يفوزون بالحكم».
أخذ ليبرمان بتوجيه النقد إلى إدارة أوباما لأنها تطالب إسرائيل بوقف استمرار البناء في المستوطنات اليهودية المقامة ضمن الأراضي الفلسطينية، ووصف هذا الطلب بأنه «خطأ مستطير» ثم استطرد بقوله: نحاول إيجاد صيغة جديدة، ولا نبحث معهم عملية التوسع في البناء، وكل ما نرغبه هو الاستمرار في البناء ضمن الخطوط المحددة لهذا الأمر، وبكلام هادئ تشوبه نبرة حادة قال ليبرمان: لا نستطيع خنق شعبنا، والجميع يعلم أن هناك أطفالاً يولدون، وأناساً يتزوجون وإننا لا نستطيع أن نوقف عجلة الحياة في الوقت الذي نجد به مواطنينا بحاجة ماسة إلى بناء الكنس أو الحضانات لأطفالهم.
يدعي ليبرمان أن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ما هو في واقعه إلا جزء من صراع أوسع يتمثل بصراع القيم بين الحضارات، وأضاف بأن حل هذا الصراع لا يمثل المفتاح لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، كما يعتقد الكثير من الناس. واستطرد الحديث بلغة انكليزية تشوبها اللهجة الروسية، بقوله: «لا أرى أي ارتباط بين المعضلة الإسرائيلية - الفلسطينية وبين ما حدث في 11 أيلول، أو الهجمات الارهابية في كل من لندن، ومدريد، وبالي، وروسيا» ثم أعلن عن استعداده للبدء بمحادثات مع القادة العرب دون وضع شروط مسبقة وعلى الرغم مما تفوه به من قبل تسلمه حقيبة الخارجية عن الرئيس المصري حسني مبارك بالقول: «فليذهب إلى الجحيم» فقد أعرب لمجلة تايم عن استعداده للبدء بإجراء محادثات مع أي دولة من دول المنطقة، لأنه يتفق مع وجهة نظر الرئيس أوباما التي تقول بضرورة إجراء تسوية إقليمية لكافة النزاعات التاريخية.
واستطرد ليبرمان بالقول إنه يرغب أيضاً بإجراء حوار مع الفلسطينيين مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية قد فشلت في التواصل مع الإسرائيلين حتى بعد أن أبدى نتنياهو عدم معارضته لإنشاء دولة فلسطينية، وتأكيده ذلك في خطابه الذي ألقاه مطلع هذا الشهر، عندما أشار إلى حل الدولتين، ويرى ليبرمان أن جهود السلام السابقة قد ذهبت أدراج الرياح لأن هناك استحالة في تحقيقه، الأمر الذي يتطلب بالضرورة البدء بأمور عملية مثل إزالة حواجز الطرق والبؤر الاستيطانية غير الشرعية المقامة ضمن الأراضي الفلسطينية، ويدعي أنه كان ثمة 61 موقعاً عسكرياً ثم جرى تخفيض عددها إلى 16 موقعاً فقط، لكن هيئة الأمم المتحدة فندت تلك الأقوال عندما أكدت وجود 61 نقطة عسكرية في الضفة الغربية تحرسها قوى الأمن الإسرائيلي، وهناك 561 حاجزاً يعرقل تنقل الفلسطينيين وتحركاتهم.
مازال ليبرمان يشعر وكأنه خارج نطاق السياسة الإسرائيلية، ومازال يعيش بحالة من الذهول مما حدث معه منذ أن قدم شاباً في العشرين من عمره مهاجراً إلى إسرائيل وكانت أول فرصة عمل أتيحت له آنذاك هي نقل حقائب المسافرين في العربات بمطار بن غوريون، ولم يمض الكثير حتى أصبح وزيراً للخارجية، وعندما يذكر ذلك تعلو الابتسامة وجهه قائلاً: إنها أرض الفرص الكبيرة، يملأ ليبرمان أوقات فراغه بكتابة نصوص لأفلام سينمائية، ويقول: إنها هوايتي المفضلة، لكنه يعتذر عن الكشف عما يكتبه في الوقت الحالي قائلاً: إني استأخر هذا الأمر للمرحلة القادمة من حياتي وهكذا فعلى هوليود الانتظار إلى ذلك الحين.
بقلم: تيم مكغريك وروميش راتنسر
21/6/2009