تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وانقسم العالم من جديد!

دراسات
الخميس 11/9/2008
نبيل فوزات نوفل

إذا كان البعض قد وقعوا في سحر الإمبريالية الأميركية وعولمتها المتوحشة, وبعضهم قد استطاب له قيدها وباتوا قانعين

بما تخطط له الدوائر الأجنبية وبما تنعم عليهم من عطايا فإن الكثير من أبناء البشرية باتوا على يقين أن عصر الإمبراطوريات والقطب الواحد بدأ يتلاشى اليوم والإمبراطورية قد أصابها الكثير من الثقوب وبدأ مركبها يتهاوى أمام عواصف المقاومة المنتشرة في أرجاء المعمورة وخاصة في منطقة )الشرق الأوسط) أحد ركائز استمرار قوتها من خلال نهب ثرواتها والتي تعول الامبريالية على نجاحها في السيطرة عليها أساس بقائها قوية كما يرى أحد دهاقنة سياستها هنري كيسنجر بقوله: (إن مستقبل السيطرة الأميركية وقتها يتوقف على مدى نجاحها في العراق) ولكن كما نرى ونسمع أن العراق لن يكون كما خطط ورغب الأميركيون واتباعهم فالشعب قد عقد عزمه أن يكون العراق جزءاً من أمته العربية وأن يخرج المحتل مهزوماً, وبدأ الكثير من الذين وقعوا في شرك الامبريالية يقطعون الحبال ويخرجون من مركبها, ورغم ذلك يصر البعض على البقاء في المركب رغم اشتعال النيران فيه! و يتمسكون بشعارات وبدع ويحاولون إخراج أنفسهم من مسألة المواجهة والصراع مع العدو بحجج واهية, كفكرة الحياد, والنزعة القطرية وعدم إعطاء الصراع بعده العربي, وإيهام الناس بقوة العدو وجبروته وأنه لاطاقة لنا بمواجهته والأفضل الركون والخنوع لما يريد لكي يسلموا ( بريشهم), وقد بدأت أحلام الكثيرين تشطح بهم وخيالاتهم تأخذهم إلى خارج الواقع, حيث بات البعض ينسى الواقع ويعيش في الخيال, وهذا ما نستشفه من خلال التحليلات والتوقعات التي تبشرنا بقرب السلام في المنطقة وعودة الرشد للكيان العنصري الصهيوني ولقادة الإرهاب العالمي في البيت الأبيض, وكأن الإمبريالية قد أعلنت توبتها, وعادت إلى طريق الحق والصواب وبدأت بمساعدة الشعوب في التنمية والتقدم, و سحبت قواتها وقواعدها العسكرية المنتشرة في أكثر من 70 دولة في العالم, والكيان الصهيوني قد مزق بروتوكولات حكماء صهيون, واستبدلها بتعاليم السيد المسيح عليه السلام!.‏

ويصر البعض بحجة المتغيرات الدولية, والواقع الدولي الجديد أن يوهمنا أن الأمور قد تغيرت, إن نظرة متفحصة في الواقع الدولي توصلنا إلى أن الإمبريالية تزداد توحشاً والاستعمار يعود من جديد بأثواب ملونة, والصراعات الدولية تزداد ومحاولات تطويع وتركيع ونهب الشعوب تزداد وماتغير منذ مطلع القرن إلى الآن, هو أسماء المستعمرين وأساليبهم وطرق القتل والنهب لديهم, والمعركة مازالت قائمة بين قوى الشر والخير وهي تزداد شراسة يوماً بعد يوم.‏

وانقسم العالم اليوم إلى معسكر الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية الذي يضم القوى الإمبريالية والرأسمالية وبعض القوى في عالم الجنوب.‏

وبين قوى الحرية والتقدم في العالم والمتمثلة في بعض دول الجنوب التي مازالت متمسكة بهويتها وثوابتها ومصالح شعبها ولم تدخل الحظيرة الإمبريالية, إذاً, فالمعركة واضحة, إما أن يختار الإنسان وطنه وشعبه وبالتالي سيكون حتماً ضد الإمبريالية والصهيونية وإما أن يهيىء رقبته لقيود الإمبريالية ويطبّع نفسه (للركوب) والسير حيثما تشاء القوى الأجنبية و لاخيار آخر.‏

وباعتقادنا إن أحرار العالم والشرفاء في أرجاء المعمورة قد اختاروا طريق الصمود والمقاومة للحفاظ على هويتهم ومصالح شعبهم وكرامة أمتهم ورفضوا القنوع والخنوع والعيش تحت عباءة الإمبريالية وأعوانها, ومن هذا الواقع فإن حلم إقامة السلام وعودة الحقوق بالمفاوضات لن تتم وستخلف الإمبريالية وكيانها الإرهابي الوعود كما أخلفت في السابق وسيكون العرب قد أضاعوا وقتهم في اللهاث وراء سراب ووهم بينما عدوهم يعد العدة لخوض حرب جديدة تعيد له حسب رأيه مافقده من هيبته وغطرسته, التي كسرتها المقاومة البطلة في تموز 2006, فالمرحلة القادمة حبلى بالمفاجآت ولكن الأكيد أنها ستولد حرباً جديدة, يكون المنتصر فيها هو المنتصر الحقيقي والذي سيساهم في رسم خارطة السياسة الاقتصادية والثقافية والحضارية للمنطقة لعقودٍ قادمة.‏

وبعيداً عن الأوهام فالواقع يدلنا على أن هناك منظومة رأسمالية عالمية لها مكونات ثلاثة,( الدول الرأسمالية السبعة للشركات صندوق النقد الدولي, والبنك الدولي للإنشاء والتعمير, منظمة التجارة العالمية) وتهدف إلى تحقيق الهيمنة المباشرة للمركب الإمبريالي الصهيوني على العالم عامة ووطننا العربي خاصة, وإننا على ثقة أن العد العكسي قد بدأ وأن الإمبراطورية قد بدأت تتداعى, منذ اليوم الأول لاحتلال العراق, وإن إرادة المقاومة تشمخ وتقوى وتزداد, لأنها إرادة شعبنا وخياره, وجوهر تفكيره, هنا وهناك, بعض القانعين الخانعين الذين يستعذبون (رسن) الإمبريالية ولايستطيعون العيش بدونه فإن أبناء الأمة الأحرار,يأبون إلا أن يكسروا القيود ويعيشوا سادة على أرضهم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية