تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دلال حاتم و إبحار في رحلة العطاء

ثقافة
الخميس 11/9/2008
تماضر إبراهيم

منذ أقل من عام تحديداً في 24/12/2007 كان لي لقاء مع الراحلة دلال حاتم, و لا زلت اذكر استقبالها و حفاوتها بي, عند دخولي بيتها استقبلتني بمائدة استكان عليها

نتاج خمسين عاماً على الأقل في خضم الأدب, كرمت علي ببعضها ثم استضافتني في ركن مضاء أعدته لفنجان قهوتنا قرب النافذة في ذلك النهار الماطر ثم بدأ الحديث عن صحتها غير المستقرة آنذاك, وعن مسيرة عمل دؤوب تحدثت بكل بساطة وصدق.,‏

لا زلت احفظ كلماتها التلقائية كما جاءت وقالت مشيرة إلى مجموعة الكتب على المنضدة التي أمامنا: هذا هو نتاجي المتشابك بين كبار و صغار, كنت اكتب للكبار حيث كان تفرغي في الاتحاد النسائي وعندما عدت الى عملي في وزارة الثقافة قالوا لي اذهبي إلى مجلة اسامة كان ذلك في عام 1970, وفي مجلة اسامة كان شعوري كمن ألقوه في اليم و قالوا لها إياك إياك أن تبتلي بالماء, يعني الظروف حكمت علي الاهتمام بالاطفال وأدبهم و صحافتهم , هكذا شاءت الظروف بالرغم من انني صدمت في البداية بالمفردات التي يجب ان استخدمها للطفل حتى نتفاهم فكنت الجأ إلى بنات أخي, اثنتين صغيرتين كنت أقرأ لهما, و أطلب منهما أن يقولا لي حين لا يكون الكلام مفهوماً وعندما صارتا تقرأان, صرت أعطيهم الكتب وأطلب منهما أن يضعا خطاً تحت الكلمة غير الواضحة , بهذه الطريقة وجدت المفردات السهلة, و التي تعطي المعنى نفسه بشرط أن تكون مفهومة وواضحة للطفل, لأنه ليس درساً و إنما مطالعة, لذلك المفروض أن يكون الكلام سهلا مفهوماً , وهذه مشكلة اللغة, كيف نستطيع إيجاد المفردات التي تناسب الطفل دون صعوبة ? و طبعاً يجب أن يكون هناك خيال وهو للكبار و للصغار, مع الصغار كيف تستخدمين الخيال وتستطيعين التوسع به و أخذ الطفل إلى أجواء وعوالم خيالية..?‏

بداية المشوار الطويل‏

دلال لم ترزق بأطفال و لا تعرف التعامل معهم لذلك كانت البداية في أدب الأطفال بالنسبة اليها شاقة و مفاجئة, و كانت بداياتها في هذا المجال ما نشرته في مجلة أسامة تعاقب بعض الأدباء في المجلة و لأسباب رفضت ذكرها طلبت نقلها, كان شعورها آنذاك (أنه لم يعد لي وجود في المجلة, اعني انني لم أعد أرى مواد و لا أقرأ شيئاً مما يكتبه الأدباء) وبقيت عاماً و تسعة أشهر كإعارة في وزارة الإعلام في وكالة سانا, ثم عادت إلى المجلة بناء على ترشيح من زكريا تامر وبقيت فيها حتى التقاعد, و يبدو أن هناك خلافاً مع زكريا تامر وقد قالت عنه: جاء رئيس تحرير وكان له طبيعة خاصة , لا يريد و لا يحب أن يعمل معه أحد.‏

حديث الذكريات‏

22عاماً من الجهد في مجلة اسامة , و رغم مرور المجلة في مراحل صعبة وحرجة إلا أنها أضافت إليها الشيء الكثير مثال كتاب اسامة الشهري.‏

عندما تتحدث عن ذكرياتها بشاعرية بالغة تقول: أنا و لجينة الأصيل انسجمنا كثيراً ,كنت أنا اكتب و هي ترسم و كان يخرج العمل متكاملاً لأن لجينة عندما كانت ترسم كنت اتفق معها و نتناقش : شعرها أسود, تلبس فستاناً قصيراً أو طويلاً أو بنطالاً..الخ كنت أنا وهي في رسم الشخصية.‏

شعرت بالاديبة وهي تتحدث كأنها تعيش مفردات قصصها البريئة فتسقطها بتلقائية فريدة بعيدة عن التنميق والتزويق, قالت: عشت اجمل ايام حياتي في المجلة و أنا أحن إليها حتى الآن واذهب لزيارتهم و لو بصعوبة بسبب المرض.‏

مشروع ربما لم يكتمل‏

حدثتني عن مشروعها في كتابة شيء ما سيكون مفاجأة, ومن دون اي الحاح مني قالت: أنا اكتب الآن قصة طويلة لمرحلة عمرية بين 15-18 سنة, فيه محرمات لا نتحدث عنها و لكن الأولاد يتحدثون بها, عندما كنت عند جارتي أوحت لي أحداث الزيارة بهذا الموضوع فجارتي لديها و لد عمره 14 سنة و يمتلك موبايلا خاصاً, عندما يتحدث من خلاله يذهب إلى غرفة أخرى, واضح أن صديقته تتحدث إليه, يعني أشياء يجب أن نهتم بها و نكون بجانب أطفالنافي كل مراحلهم.‏

حساسية مرهفة‏

دلال حاتم عاشت مرهفة حساسة متجاوبة فقد قالت لي و اذكر تماماً: مشيت بأدب الأطفال و اخذت جائزة شجعتني كثيراً , ولكن أنا اشعر أن العالم فيه ظلم واقع على الإنسان و خاصة المرأة, فأنا أحزن لها عندما أراها تبكي, أحزن عندما أفكر بظلمها فتنتابني نخوة الدفاع عنها, و الشخص عندما يعمل بالشأن العام يصبح كل شيء بالنسبة له ملفتاً للانتباه, الرجل , المرأة , الشيخ..‏

-ما سبب بؤس الأطفال في بلدنا غير الفقر و ما لنا علاقة فيه?.. السبب الأهم الخلاف بين الأزواج و تشرد الأبناء بين الأم و الأب, عندما كنت في لجنة تحكيم ما يكتبه الأطفال وجدت ما يوجع القلب, كلهم لديهم مشكلات فلماذا لا نضع بين يديه كتاباً توجيهياً من دون أن نذكر أن هذا الكتاب موجه لك, أو نسقيه إياه بالملعقة, هذا ما يدفعني إلى محاولة الكتابة للكبار لعمر المراهقة..‏

حلم‏

دلال حاتم, ثلاثون كتاباً و كتيب بين قصة ورواية و دراسات عن ثقافة الأطفال في شتى المجالات بالتعاون مع منظمة الطلائع لمدة عشر سنوات سألتها يوماً كيف تقيّم واقع أدب الأطفال في سورية,أجابت بتلك الحيرة التي لا تعبر إلا عن عدم إعجاب وعدم اقتناع, ثم باحت لي عن حلم يتملكها, هو مشروع متكامل عبارة عن مؤسسة مستقلة لها نظامها وميزانيتها و كادرها من خبراء و مربين و أدباء مختصين و علماء و فنانين لنشل أدب الأطفال من مستنقعه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية