|
عشر الخرق .. كسوة العيد رمضانيات خرق وثالث عشر ورق , وقد انقضى بالأمس العشر الأول من رمضان المسمى عشر المرق حيث انهمكت المرأة بإعداد المائدة الرمضانية التقليدية العامرة بأطيب أنواع الطعام وأشهى الأصناف والألوان , وكان الحرص واضحا هذا العام على تقديم المرطبات , بسبب ارتفاع الحرارة خلال الأيام العشرة الأولى من الشهر . وبعد انقضاء عشر المرق يحل ابتداء من اليوم العشر الثاني ويطلقون عليه عشر الخرق , وتعني الخرقة عند السوريين قطعة القماش , ولكن المفهوم السائد للخرقة الآن هي قطعة قماش صغيرة لا قيمة لها . وكان السوريون حتى سنوات قريبة انقضت يشترون الأقمشة , ثم يقومون بخياطتها في البيت أو عند خياط أو خياطة الأسرة , وفي بعض الأحيان قد يكون لدى الخياط أقمشة يقوم الزبون باختيار النوع واللون ليقوم الخياط بخياطتها على مقاسه . ويسمون الثياب في هذه الحالة تفصيلاً , وكان الخياطون ينتظرون الموسم الرمضاني بفارغ الصبر حتى إذا أقبل تعمل آلات الخياطة ليلا ونهارا وكان الناس يبحثون بالسراج والفتيلة عن خياط يمكن أن ينجز لهم ثيابهم قبل العيد , وكم منهم من انتظر بعد العيد بيومين ليحصل على بغيته . ومع ارتفاع أجور الخياطة في حالة التفصيل اتجه أغلب الناس إلى شراء الألبسة الجاهزة , وأصبح الذين يقومون بتفصيل ثيابهم عند الخياطين قلة قليلة جدا . ولم تكن تضم دمشق فيما مضى سوى مركز واحد للتسوق يقع في قلب دمشق وكان هناك سوقان رئيسان هما الحميدية والصالحية , ويوجد إلى جوار الحميدية عدة أسواق فرعية أكبرها سوق مدحت باشا وكانوا يطلقون عليه السوق الطويل ويوجد فيه عدة تقاطعات بعضها جنوب السوق وأخرى شمال السوق يدلف الناس منها إلى ساحة الحريقة التي تتفرع منها عدة مسارب يفضي عدد منها إلى جوانب متعددة من سوق الحميدية , ومن الأسواق التي تتفرع عن سوق الحميدية أسواق ضيقة مسقوفة يبيع قسم كبير منها الأقمشة قبل تفصيلها , ومنها خان الحرير وسوق النسوان وسوق تفضلي , وحتى يومنا هذا لا تزال هذه الأسواق تجد في العشر الثاني من رمضان موسما دسما , وتبقى مفتوحة بعد إذن محافظة المدينة حتى ساعات متأخرة من الليل , بل وتبقى خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من رمضان مفتوحة ليلا ونهارا , ويتناول أصحاب المحال والعاملون فيها طعام الإفطار في محلاتهم . وفيما بعد قامت عدة أسواق لبيع الأقمشة والألبسة الجاهزة , وتوزعت في أرجاء متفرقة من المدينة أصبحت تنافس الأسواق القديمة , ومنها سوقا اليرموك وجوبر ,ولكن السوق المحدث الأكثر جذبا هو سوق الحمراء وهو السوق المنافس الأكبر لسوقي الحميدية والصالحية الذي أخذ بالامتداد حتى وصل إلى الجسر الأبيض . ومع أن العيد عرف بلبس الجديد إلا أن محال بيع الألبسة المستعملة ( البالة ) أضيفت أيضا إلى عشر الخرق , لتنافس بدورها الأسواق المركزية التقليدية , ورغم أن الأسواق الجديدة والشعبية في الأحياء العشوائية جذبت الكثير من المتسوقين إلا أن الحميدية والصالحية يظلان السوقين الأكثر تعبيرا عن حركة المدينة وحيويتها ولا سيما خلال ليالي النصف الثاني من رمضان .
|