فرض هذا الفريق موضوع «القيم» في الجدل السياسي ورسخ ضمن أحزاب اليمين حزباً (جمهورياً) لا يزال حتى الآن معتدلاً، فيما بعد أهتم بمجموعة صغيرة من المثقفين الذين التأموا تحت جناح المحافظين الجدد و رسموا سياسة أميركا الخارجية في اليوم التالي لاعتداءات 11 أيلول 2001 وحثوا على غزو العراق، واليوم هل نأخذ على محمل الجد جماعة الـ تي بارتي teapurties التي تحن إلى الثورة الأميركية لعام 1776 - 1783 والتي تمكنت من تخليص المملكة البريطانية مستعمراتها الأميركية؟
يرتدي مقلدو هذه الحركة قبعات مثلثة القرون سوداء كتذكير لمؤسسي ما يطلق عليها ثورة: تي بارتي التي تعود إلى 16 كانون الأول 1773، ففي ذلك اليوم، أعضاء من مستعمرة ماساشوسن نددوا بالضرائب التي فرضتها لندن عليهم، ورموا على ميناء بوسطن حمولة شاي من إحدى شركات الهند وفرضوا هذا المبدأ الصحيح: لا ضرائب مالم يصوت عليها ممثلو الشعب.
عادت هذه الحركة إلى الظهور في صيف 2009، واجتمع في واشنطن وسط العاصمة بتاريخ 28 آب 2010 أكثر من مئة ألف متظاهر إنهم أميركيون من الطبقة المتوسطة غاضبون على عدو غير مرتقب، إنه حكومتهم - حكومة اتهمومها أنها تقمعهم كما قمع البريطانيون المستعمرات الأولى هل هم عابرون لا مستقبل لهم؟ أم أنهم طليعة اليمين الجمهوري؟ هناك ثلاث نظريات بشأنهم:
الأولى: ترى في حركة الـ تي بارتي آخر تحول لليمين المناضل الذي يمكن أن يمثل الحزب الجمهوري واستحوذ على الأغلبية في الكونغرس بعد انتخابات 2 تشرين الثاني، ثم ستطرد الديمقراطي باراك أوباما من البيت الأبيض.
المواضيع التي تهم الـ تي بارتي هي المواضيع التي تجمع بين الجمهوريين والناخبين المستقلين من اليمنيين مثل: تخفيض العجز المالي بشكل كبير، رفض أية ضرائب جديدة، التنديد ببرامج المساعفة الاجتماعية، الدفاع عن سياسة خارجية أقل «تساهلاً» إزاء أعداء أميركا. ويقدر أنصار الـ تي بارتي أن أبطال هذه الحركة هم من العائلة الجمهورية: غلين بيك، وهو مقدم برامج تلفزيوني على قناة فوكس نيوز، سارة بالين مستشارة جون مكين الذي خسر الانتخابات عام 2008، أخذت الحركة شكلها قبل أشهر من انتخابات 2 تشرين الثاني.
أعضاء الـ تي بارتي لهم أهميتهم فقد كان لهم كلمتهم الواضحة هذا الصيف على الجمهوريين الأوائل الذين حددوا مرشحيهم للثاني من تشرين الثاني المقبل وقد فرض أعضاء الـ تي بارتي عدداً منهم للترشيح.
النظرية الثانية: لا ننكر أنهم مناضلو اليمين الجمهوري الجدد، لكنها تعتبر أن هذه الحركة تعكس أيضاً ظاهرة أوسع لا تستثني أوروبا من الأمر: بظهور نظريات التواطؤ فخطابات الـ تي بارتي النموذجية صقلت مجموعة أكباش الفداء لكي توضح آلام أميركا وأولهم باراك أوباما الذي يقود البلاد نحو «الاشتراكية» ويرى أعضاء الـ تي بارتي أن الرئيس الديمقراطي ليس الوحيد الذي يحيك دسيسة ضد أميركا فهناك أيضاً مجموعة الدول الاقتصادية السبع والدول العشرون وهيئة الأمم المتحدة والاحتياط الفيدرالي والجامعيون التقدميون مما يقود بعض اليساريين للتذكير بالمؤرخ الأميركي ريتشارد هو فستاتر (1916 - 1972) لشرح مضمون حركة الـ تي بارتي ويشير هؤلاء اليساريون إلى مقالة مشهورة نشرها هذا الاستاذ في جامعة كاليفورنيا بتشرين الثاني 1964 في مجلة هاربرز! «الجوانب الهذيانية في حياة السياسة الأميركية» فهل ستشكل حركة تي بارتي آخر تظاهرة في التوجه المنتظم نحو جنون الحصار في الجدل العام في الولايات المتحدة؟
سمعنا بما فيه الكفاية على حد قول الصحفي ريتشارد فيستان من النيويورك تايمز.
أما النظرية الثالثة بشأنهم فهي الأكثر غرابة وهو التأويل الذي طوره مارك ليللّا في مجلة نيويورك للكتب (أيار 2010) حيث يقول: إن أتباع الـ تي بارتي يسيرون أبعد من الهذيان المعادي للحكومة مما يميز الحق الأميركي فهم يحتقرون النخبة المتخصصين والكونغرس، وبالمختصر كل من يدعي استئثاره معرفة أوسلطة فهم يتسمون بجنون الحرية المطلقة التي تتجاوز شعبوية (تصوير واقعية حياة العامة) اليمين التقليدي أعضاء الـ تي بارتي هم متمردو الدولة ضد ما يطلق عليه «مجتمع الخبراء».