الدراما السورية التي طلقت الاستوديو باكرا رغم نجاحاتها العديدة داخله , انطلقت نحو المكان السوري الغني بشكل يخدم تطلعاتها الفنية والمضمونية, فمن الساحل للبادية ومن الشمال للجنوب ترصد المجتمع السوري وتعمل على فك عزلة طبيعية بدراما طبيعية تمد جسور التواصل بين تلك الأمكنة ولهجاتها اللغوية وعاداتها وسكانها.
فمن لغة دراما العاصمة البيضاء والتي طعمت باللهجة الشامية والتي كانت سائدة فيما مضى إلى اللهجة الحلبية ومن ثم الساحلية وطبعا كانت اللهجة البدوية حاضرة وتقديم هذه اللهجات صاحبه تقديم أماكنها وعاداتها وتقاليدها ولهجاتها بحيث لم يعد غريبا بل مستطابا هذا التنوع والسبب يعود إلى فك علامات الاستفهام عن الآخر البعيد بحكم الجغرافيا، وهكذا استطاعت الدراما السورية أن توجد رابطاً تواصلياً فعالا في عالم تحكمه الميديا وتعمل بقناة السياحة الداخلية والخارجية عبر تحبيب المشاهد بمناطق أخرى كانت غائبة عنه، والجميع يعرف كيف تحولت السمرا « ضيعة ضاعة» إلى قبلة للسياح من داخل البلد وخارجها.
هذه الميزة للدراما السورية جعلتها متنوعة وغنية بطروحاتها ,فلم تقف عند مكان بعينه أو فئة معينة ترصدها أو موضوع يتكرر نتيجة لعدم مبارحة أمكنتها بل عملت على استبطان العاصمة دمشق التي تضم بقلبها العروبي كل شرائح الوطن وفئاته وتجمعهم في تنوع خلاق وتمد هذا الاستبطان لكل الجغرافيا السورية ومجتمعاتها عبر شرايين درامية تضخ دماء التواصل المعرفي لتفتح سلة العادات السورية على بعضها، مشكلة قوس قزح مجتمعي قلما نجده في غيرها من الدرامات.
استطاعت الدراما السورية أن تدخل لكل بيت وجبة متنوعة من غنى الوطن مليئة بعاداته وتقاليده ولهجاته، وهذا ما يحسب لها ويصب في خانة تطورها المستمر.