ووفقاً لهذا المبدأ انطلقت معظم الفضائيات لتحجز في خارطة برامجها ركناً خاصاً بالطبخ، لكن مهما اختلفت طرق الطهي أو الشيف الذي يحضرها فإنها تأخذ شكلاً نمطياً واحداً يقتصر على مذيعة يرافقها شيف يقوم باختراع أطباق مكوناتها إما من بلاد الهند والسند.. أو من قلب غابات الأمازون ومستنقعاتها، وليتحمل الرجل حينئذ أعباء معدته لتصل فيما بعد إلى أزمة قلبية!!.
ويبدو أن الاختراعات الفضائية لم تقف عند برامج الغناء.. والرقص بل تعدتها إلى هذه النوعية من البرامج، فقد قادني (الريمونت كنترول) إلى برنامج فريد من نوعه في هذا الموضوع وهو (جايين نجربكن) يعرض على o.t.v وتقوم فكرته على اشتراك عائلتين تقوم كل واحدة بدورها بدعوة الأخرى على العشاء في منزلها ويحضرها إلى جانب أفراد الأسرة المقتصرة على ربات المنزل فقط شيف البرنامج (عماد عراوي) وخبيرة الإتيكيت (سونيا صباح) وتبدأ المنافسة لتعرض كل ربة منزل مهاراتها في الطهي وتقديم مالذّ وطاب من الأطعمة والحلويات والاهتمام بطريقة تقديمها وفق درجات توضع من قبل الشيف والمتخصصة في الإتيكيت..
فالبرنامج قد كسر القاعدة التي تقوم عليها معظم برامج الطبخ والتي تقتصر على ما يمليه الشيف ليحقق بذلك رغبات عدة عند النساء وهي التعرف على أنواع أو طرق جديدة للطهي وفي الوقت نفسه اكتساب خبرة في فنون الإتيكيت والتقديم التي أصبحت تكتسح موائدنا بعد أن كانت مقتصرة على النبلاء والـ(class) فقط.
لأن ضيوف العزائم المنزلية الآن لا تقتصر ملاحظاتهم على المذاق والنوعية والأهم كمية اللحوم في الأطباق وإنما على مدى الذوق المتبع بطريقة عرضها، وهو مايعكس شخصية وأناقة ربة المنزل، والمتعة الأكبر لأي سيدة هي الاستمتاع بالأحاديث التي تدور بين العائلتين.
ومازاد الاهتمام بالبرنامج أنه دخل منازل عدد من نجوم التمثيل والفن وهم مركز جذب مهم لكافة الشرائح, وهنا لم تعد سيدة المنزل هي المعنية فقط بل أصبح معظم أفراد العائلة راغبين بمعرفة كيف تتصرف هذه المغنية أو تلك الممثلة في منزلها.
لكن المتابع للبرنامج يلاحظ أنه موجه لفئة معينة من الناس وهم من يملكون الوقت والمال لكل هذا البذخ المبالغ فيه والتي لاتتناسب مع أغلب العائلات العربية بدخلها المحدود.
عدا عن أنه يتوه في أحيان كثيرة عن الفكرة الأساسية ألا وهي الطهي ليغوص إما بأحاديثهم أو بالهرج والمرج داخل المطبخ أو بالديكورات والكريستال والفضيات المستخدمة وينسى ما الذي يريده من هكذا برامج!.
وأعتقد أن المستفيد الوحيد هو الشيف ومعه المتخصصة في الإتيكيت والذي يتوقف دورهم عند تذوق الأطعمة المتنوعة وإبداء الملاحظات.
ولايبقى إلا أن نقول (ولله في خلقه شؤون) فمن يتابع برامجنا العربية يظننا بألف خير وهمنا الوحيد هو الطبخ والنفخ.