تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطا العرجاء!

كل أربعاء
الأربعاء 15-9-2010م
سهيل إبراهيم

اختتم العالم الإسلامي شهر الصوم المبارك في الأسبوع المنصرم وفطر مطمئناً إلى أداء فريضته وأكل طقوس عيده لثلاثة أيام ,فاقتربت في مدنه وقراه العائلة من العائلة والحي من الحي والقرية من المدينة والمدن فيما بينها

وبعد أن تصالح الصائم مع نفسه ربما تصالح مع ذوي القربى وتبادل التهاني مع الأصحاب الأقربين والأبعدين, وتقاطعت رسائل المودة والوئام بين العواصم من جاكرتا في أقصى الشرق الآسيوي إلى طنجة في أقصى المغرب العربي الكبير في مشهد يوحي في الظاهر أن هذا العالم الإسلامي الذي فاق تعداد سكانه المليار ونصف المليار من البشر هو بنيان مرصوص يشد بعضه إزر بعض ويتآخى في السراء والضراء ويرفع قبضته الواحدة في وجه عصر لا سيادة فيه إلا للقوة ولا مستقبل إلا للأقوياء.‏

لكن هذا المشهد الظاهري لا يعكس صورة الحقيقة, ولا ينفي وقائع الكارثة التي تضرب قلب هذا العالم الإسلامي وأطرافه وتفترس بلداناً بأكملها على خريطته, وترشح بلداناً أخرى للتفتيت والزوال وتنذر قوميات عريقة فيه بالانقراض وفق آليات ممنهجة سهر الغرب الاستعماري على برمجتها في سياق مشروع جهنمي روج له باحثون ومكاتب دراسات ومؤسسات مالية وصناعية كبرى لاستهداف عدو جديد تم تصنيعه على جناح السرعة بديلاً للعدو التقليدي الذي زال بزوال الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي وهو الشيوعية الأممية التي خاضت حربها الباردة غالباً في ساحات الدول النامية ضد الصلف الإمبريالي المقيت.‏

لم يتصالح العالم الإسلامي مع نفسه منذ زمن طويل ولم يتصالح فيما بينه ولم يعرف كيف يمد جسور المصالح والمبادئ والقيم بين بلدانه ليؤسس قاعدة صلبة للتوافق والتعاون تنتشله من مهاوي التخلف والانقسام وتدله على السبيل الأمثل لاستغلال ثرواته الطبيعية وتدشين ثورته الصناعية والارتقاء بمداركه العلمية إلى مستوى العصر الذي يشارك في حياكة نسيجه منذ ما قبل أكثر من ألف عام بل حدث العكس وارتمت معظم أقاليم العالم الإسلامي في أحضان الغول الرأسمالي الغربي تحت ذرائع شتى تبدأ بالتعاون والمعاهدات وتنتهي بالحماية والوصاية التي جردت دولاً عديدة من حرية قرارها وسجنتها في أقفاص خانقة من المصالح الضيقة.‏

منذ مطلع هذا القرن أخذت الانهيارات في هذا العالم الإسلامي منحى جديداً بعد أن تحركت ماكينة الغزو الأطلسية وجاهرت في وضح النهار بعقيدة وضع اليد على دول إسلامية عريقة بقوة السلاح تحت عنوان ما سمي الحرب على الإرهاب وكأن الإرهاب فيروس فتاك لا يعيش إلا في هذا العالم الإسلامي المسكون بالرسالات وصحائف الحكمة فاغتيلت أفغانستان وعمّ الخراب في العراق وصار السودان على فوهة بركان التشظي وتوالد القتل والقتل المضاد في مدن الصومال وتقلب اليمن في مواقد الحروب الأهلية المتنقلة وتزعزع استقرار باكستان وتحول وادي سوات فيها إلى ميدان حرب لا يصمت دوي انفجاراته في الليل ولا في النهار.‏

هل كان كل ذلك حاضراً في وعي العالم الإسلامي وهو يؤدي فريضة الصوم وينظف يقينه من الشوائب كي ينهض من هذا السبات الذي أوقعنا في مهالك إذا عم شرها فلا مكان لنا في التاريخ الآتي أم إن أقصى ما نستطيع فعله هو الانضواء تحت علم منظمة المؤتمر الإسلامي التي استنسخت عجز جامعة الدول العربية ومشت على خطاها العرجاء لتشرعن الانقسام والتنابذ ثم لا حول لنا ولا قوة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية