تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في حفل توقيع أعماله:صالـــح هـــواري.. صــوت قــــادم مـــن تـــراب فلســـــــطين

ثقافة
الثلاثاء22-12-2015
فاتن دعبول

لصالح هواري تميزه وتفرده في صوغ العبارات الشعرية المبتكرة وبراعته في توليد الصور الفنية المشحونة بظلال احاسيسه وعواطفه، فالصورة الشعرية عنده ليست مترفة او عابثة او لاهية،

وانماهي صورة موظفة تشع بالدلالات والايحاءات والرموز قريبة التناول التي يفهمها السامع او القارىء منذ اللحظة الاولى، ذلك انه عمل جاهدا الا يكون شعره مبهما لحرصه الشديدعلى اضاءة افكاره وتقديمها للناس على طبق من النور المسلح بزرقة سماء الروح.‏

وقد احتفى «مركز ثقافي ابو رمانة» بتوقيع مجموعاته الشعرية الصادرة عن وزارة الثقافة «الهيئة العامة السورية للكتاب» بمشاركة كل من توفيق احمد مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب والشاعر محمود حامد والاعلامي مرهف زينو والناقد عمر جمعة، وفي اهدائه الذي تصدر مجموعاته توجه الشاعر بالقول:‏‏

الى حبيبتي فلسطين..‏‏

موعودا بالعودة اليها..‏‏

على جناح نسر مقاوم..‏‏

واحتفاء بالشاعر حيا توفيق احمد الشاعر بمقاطع شعرية ثلاثة يثني على تجربته الشعرية المميزة وقد حمل في قلبه وروحه وعلى طول مسيرته الهم الوطني والقومي فكان مخلصا وفيا لوطنيه سورية وفلسطين يقول له:‏‏

لاتكسر الناي كن صوتا ورجع صدى‏‏

لجدول كان يوما يعشق البلدا‏‏

لاتكسر الناي لاتترك اصابعنا‏‏

تضيع فوق تفاصيل الجراح سدى‏‏

لاتكسر الناي قل ماشئت لامرأة‏‏

كانت تمر ولكن لاترى احدا‏‏

وزع اناشيدك الظمأى على زمن‏‏

صارت به الروح هما يملأ الجسدا‏‏

واكتب دمشق على ضلع الخليل تجد‏‏

قلبين ضاعا ببال القدس فاتحدا‏‏

وزع على الغيم اشجارا لتمطرها‏‏

وان وجدت جفاء فاستعر بردى‏‏

وتوقف الشاعر محمود حامد عند التجربة الشعرية للشاعر صالح هواري ووصفها بالصوت الذي شغل الموجوعين بالانسان والارض والشغف الجارح بوطن استثناء، بجباله، وبرتقاله وليمونه وزعتره ومايحيط بذلك الاستثناء الخالد المقدس من جماليات ترقى بانسان الحياة الى ذلك الملكوت السماوي الازرق والارجواني المبهر كرعشة الدم تبدع وردها الجوري ليرقى بالاشياء الى ملكوت الابد.‏‏

صالح هواري صوت الكرمل وبيسان وصفد ونابلس وسمخ والتراب العربي الهادر من الجولان وحتى عسقلان ورفح وغزة امتدادا من صبا الشام حتى تخوم الاطلسي ووهران وصنعاء والاوراس، صوت انساني هادر، هو صوت فلسطين القادمة من عبق الخلود، الى عبق الوجود المترع بالدم والورد والشهد:‏‏

دمشق هواك اقداح تدار‏‏

وقلبك للنجوم الخضر دار‏‏

على شفتيك تبتسم الليالي‏‏

ويضحك خلف عينيك النهار‏‏

وفي غوص اكثر في تجربة الهواري يبين مرهف زينو اهم سمات شعره بانها تمتاز بالغنائية والبساطة والوضوح في كل قصيدة او مقطوعة او جملة من اعماله الشعرية دون النظر الى ماهية الموضوع الشعري او المضامين، انه طفل يبوح غناء حتى عندما يغضب، شاعر يقطف كلماته ثم يسكبها ترانيم ترقص وتصدح، كتب القصيدة العمودية والتفعيلة وفي الحالتين نلمس في اشعاره غنائية عذبة طافحة بالحب ومنسجة بحرفية عالية تنم عن خبرة ومعرفة وشعور دافق.‏‏

وفي اتجاهه نحوالبساطة والوضوح فلانهما برأي الهواري مفتاح الدخول الى الضوء والشاعر الحقيقي هو القادر على الولوج الى عقل ووجدان القارىء ويسجل للشاعر ريادة حقيقية تتمثل في حالة التطابق بين مفهومه للشعر وبين منجزه الابداعي وهي معادلة نادرا ماتتحقق الا لدى شاعر يمتلك قدرا كبيرا من العفوية والصدق، ان لم نقل الصدق كله والعفوية برمتها.‏‏

ويستعيد عمر جمعة سيرة تلمذته على يد الهواري حيث كان يتحلق حوله الطلاب ويصغون اليه بعشق وشغف العطاش لقصيدة سيصفقون لها طويلا وهم يرون كيف صارت مواجعهم وهتافاتهم العفوية جملا ومفردات شعرية عذبة يرددونها ويحاولون مااستطاعوا حفظها لتكون حبل الوريد الذي يصلهم بالوطن الغائب الحاضر في عيون امهاتهم ونجوى آبائهم وذكريات اجدادهم.‏‏

وان غادر الشاعر بلدته سمخ مكرها لكنها لم تغادره فهي في قلبه وروحه ويبوح بهواها لدمشق في قصيدته «مرايا الياسمين»التي يعجز عن مغادرتها الا اليها:‏‏

يمشي البنفسج للبنفسج..‏‏

والشآم تتيه في ثوب القصب..‏‏

مطر جدائلها..‏‏

يداها نخلتان وصدرها نهر اللهب‏‏

في جيدها التاريخ علق نهره ونهاره‏‏

وببرقها اختتم الصلاة الى قيامتها‏‏

وفي دمها انسكب‏‏

تشرين قال لها اقطفي‏‏

لم ينته النارنج من صدري‏‏

وتلك سلالتي شجر الخلود لها انتسب‏‏

ولازال شاعرنا صالح هواري يواصل مسيرته الشعرية مقدما اجمل القصائد المشبعة بنكهة الحداثة والبعيدة عن التعقيدات الفنية التي تعبق بنبض الشعر وتطفىء وميضه.‏‏

الشاعر صالح هواري مواليد فلسطين بلدة سمخ الواقعة على شاطىء بحيرة طبريا عام 1938حائزعلى اجازة في الادب العربي وليسانس في الحقوق، عمل مدرسا للغة العربية في مدارس الاونروا لسنوات عدة ومعدا للبرامج التعليمية الموجهة الى الطلبة العرب في الارض العربية المحتلة ومدققا لغويا في التلفزيون العربي السوري.‏‏

عضو في اتحاد الكتاب العرب جمعية الشعر ومقرر جمعية الشعر في فرع اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، فاز بجوائز شعرية عديدة، ويكتب القصيدة الخليلية ذات الشطرين وقصيدة التفعيلة وترفل معظم قصائده بغنائية عذبة نابعة من وجدانه المتأجج بحب وطن والحياة ويتكىء اسلوبه الفني على معطيات الحداثة من ادوات تعبيرية عصرية وصور شعرية حافلة باسرار الجمال الفني ورمز شفيف بعيد عن الابهام.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية