ولا رفاهية الشعارات في ألمانيا أدخلتهم الفردوس المأمول، ووحده البحر أوفى بوعيده فابتلع أحلام الكثيرين منهم حتى لو أسلم مراكبهم لأنهم لم يجدوا على الضفّة الأخرى سوى العذاب والهوان..
المشكلة أن البعض ما زال يصدّق أن «ميركل» أم حنون وأنها نذرت حياتها لراحة الهاربين من «بطش» ذوي القربى كما تدّعي ويدّعون، وأن أحفاد النازية أكثر رحمة من الأهل، فامتطوا المجهول ليجدوا أنفسهم منبوذين ومرفوضين في شوارع الديمقراطية الأوروبية وأزقة الإنسانية العالمية!
والمشكلة الثانية هي أن هذا البعض يدرك هذه الحقيقة ويدرك أن من يترك داره يقلّ مقداره كما نقول في أمثالنا الشعبية لكن يدفن هذه الحقيقة تحت مخاوفه المصطنعة من عقاب شديد سيلاقيه إن مزّق أوهام الغربة وعاد إلى وطنه وكأن هذا الوطن وحش كاسر محشو بالموت فقط، لا تسمح لهم مؤثرات المكان الموجودين به بأكثر من الخوف ومع هذا لا يعطيهم الحدود الدنيا من مقومات العيش الكريم حتى يبقى من قاده التعتيم والتضليل ورقة بيد من فقدَ كل شيء في سورية فجنح مع مواكب الهجرة المبرمجة يبحث في معاناتها عن مفردات يعتقد أنها ستلوي ذراع الدولة السورية في مفاوضات الخروج من الأزمة السورية..
المشكلة الثالثة وهي «كارثية» فعلاً، وتتمثل بوقوع قسم من شبابنا في الغربة وخاصة في الحجاز تحت تأثير دعاية دينية بشعة غايتها الفتنة واستمرار الاقتتال وإحداث الفرقة في لوحة الموزاييك السورية الرائعة...
تواصلنا مع هذا البعض لا نعطيه الصفة الرسمية كي يعطي مؤشرات أكثر شفافية وخلاصتها هو ما تقدّم وبناء عليه واستكمالاً لنقاشات سابقة يتوجب علينا كسوريين أفراداً ومؤسسات أن نكون أكثر انفتاحاً في التعاطي مع كل هذه التفاصيل فنشطب بعض العبارات التي كرستها الأزمة وفي مقدمتها عبارة (مع أو ضد) فكلنا مع دولتنا بمؤسساتها وقوانينها وكل ما فيها ما دامت هذه المؤسسات تعمل للصالح العام ومادامت تلك القوانين تسهّل حياة الناس وتضمن حقوقهم وكلنا ضدها إذا ما انحرفت عن هذا المسار لكن صدور قرار جائر عن محكمة ما لا يبرر حرق هذه المحكمة واغتيال قضاتها على سبيل المثال..
شتاؤنا يتجه للخير إن شاء الله، جيشنا العقائدي يواصل تطهير الأرض السورية من الإرهاب المستورد، السياسة العالمية اقتنعت مكرهةً بالحقّ السوري فما كان من ذيول الغرب إلا الاهتزاز وجلّ ما أنتجه تحريك الذيول نكتة اسمها التحالف الإسلامي أو التحالف السعودي لمكافحة الإرهاب! النكتة غالباً ما يعقبها الضحك والابتسامة إلا هذه فسيعقبها لعنة التاريخ على من ابتدعها إلى الأبد.
نعم شتاؤنا يتجه للخير السوري الوفير وزراعة الدم التي أجادها المخلصون لهذا البلد ستثمر نصراً كبيراً يقطف السوريون من عناقيده حياة لم يألفوها إلا كريمة عزيزة ولو كره المارقون أو تضايق المستفيدون معاناتنا.