وهو ما ارتبط باستراتيجية (ديموقراطية التعليم) واستيعابيته وتعميمه بشكل مجاني، ونشره في كافة التجمعات السكانية من أصغرها وأكثرها نأياً في الريف إلى أكبرها في المدن).
هذا من ضمن ما جاء في التقرير الوطني الأول لحالة السكان في سورية 2008 الذي أطلقته مؤخراًً الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
انطلاقاً من الاهتمام بهذا الموضوع الحيوي، أقام اتحاد الفنانين التشكيليين – فرع حمص وبالتعاون مع موقع (نساء سورية) معرضاً للتصوير الضوئي للفنان هشام زعويط بعنوان «التعليم في سورية تحديات وطموح» وذلك في صالة الشعب للفنون الجميلة – شارع عبد الحميد الدروبي. افتتح المعرض في الساعة السابعة من يوم الثلاثاء 26/5/2009 بحضور ضم جمعاً من الفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين والإعلاميين والمربين والمهتمين. استمر المعرض لغاية يوم الاثنين 2/6/2009.
ضم المعرض 50 لوحة موحدة القياس، عكست واقع التعليم في مراحله المختلفة في سورية، فالصور ترصد رياض الأطفال والتعليم الأساسي والثانوي والفني والجامعي بشقيه العام والخاص، وتركز على العديد من الجوانب الهامة التي ترتبط بمسار عملية التعليم، وتهتم بمحو الأمية وتعليم الكبار - خاصة المرأة - وتشير إلى موضوع التسرب من المدارس خاصة في مرحلة التعليم الأساسي، وتبين اكتظاظ «الشُعب الصفية»، ومصاعب التنقل والوصول إلى المدارس وخاصة في الريف والمناطق النائية والتي تعتبر نامية تعليمياً. كما تربط بين مستوى الأسرة الاقتصادي والتعليم.
عن رحلة التصوير، يقول المصور الضوئي هشام زعويط: «تم الرصد ومن ثم التصوير في العديد من المحافظات السورية مع التركيز على ضواحي المدن والأرياف وأحزمة الفقر من حيث الواقع التعليمي في البيئات المختلفة. تم الدخول إلى الأجواء الحقيقية للصفوف التعليمية في رياض الأطفال والتعليم الأساسي والتعليم الثانوي وقاعات التعليم الجامعي، وحتى صفوف محو الأمية في الريف عامة والمنطقة الشمالية والشرقية بشكل خاص، حيث الأمية في أعلى معدلاتها خصوصاً بين النساء».
وعن طبيعة المعرض وغايته، يقول الفنان هشام:
«وحدة الموضوع في الصور المعروضة محاولة بحث في موضوع محدد بتوثيقه فوتوغرافياًَ. يتلخص الهدف من المعرض في محورين اثنين:
الأول تصويري من خلال عرض الواقع الحالي بجوانبه المتعددة أمام أولياء الأمور بالدرجة الأولى والمعنيين بالعملية التربوية والتعليمية وأصحاب القرار فيها بالدرجة الثانية.
أما المحور الثاني فهو محاولة توظيف الفعاليات الثقافية والإبداعية وبالتحديد التصوير الضوئي في خدمة رصد الواقع والتفكير في وضع أسس للتنمية المستدامة، بما يخدم تطور المجتمع أولاً وتعزيز دور الصورة كوسيلة لحمل وإيصال الرسائل المعرفية والثقافية وتكريس فن التصوير الضوئي كشكل من أشكال المعرفة، سواء بالنسبة للمصور الضوئي أو بالنسبة للمتلقي».
وحول تطور مفهوم التعليم يضيف الفنان هشام:
«لقد تبدل مفهوم الأمية في السنوات الأخيرة، ومع بداية القرن الواحد والعشرين من عدم معرفة القراءة والكتابة بمعناها الضيق ليصبح شاملاً كل من لا يتقن لغة التعامل مع الحاسوب وتقنيات الاتصالات العصرية وغيرها التي غدت موجودة في عصب الحياة اليومية الحديثة كالهاتف الجوال والانترنت وبطاقات الائتمان المصرفية وغيرها.
إنه تحد كبير لا أقول إنه قادم إلينا، بل إنه أصبح بين ظهرانينا وحولنا أنىَ توجهت بنا سبل الحياة ودروبها. وإذ نعاني من جهة من أمية القراءة والكتابة (أمية الحرف) نجد من جهة أخرى أنه غدا لزاماً علينا أن نتعامل مع الأمية بمعناها الواسع من زاوية أبجديات الحياة الرقمية المعاصرة».
يلفت انتباهك، إذا كنت من زوار صالة الشعب للفنون الجميلة في حمص للمرة الأولى، بهاء المكان وهدوئه وجماله ونظافته، وقد يخطر لك عنوان قصة همنغواي: «مكان نظيف ومريح وهادئ». ويزداد شعورك بالدفء عندما تتساءل إن كانت حميمية المكان هي امتداد لحميمية الرواد أم بالعكس، ويباغتك حزن شفيف عندما يقول أحد الرواد إن البناء القديم الجميل يمكن أن يهدم ليحل محله بناء إسمنتي عصري بطوابق عديدة. ويطمئنك آخر بالقول إن السيد وزير الثقافة عاهد على الحفاظ على المكان، ويخطر لك سؤال عابر: هل ستبقى وزارة الثقافة حريصة على الحفاظ عليه مهما كانت التغييرات الوزارية؟ تنظر إلى المكان وأنت تغادره، ويخطر لك أن الأمكنة تدوم أكثر منا نحن البشر، ولكنها تشيخ، وتلغى أحياناً بكامل جلالها قبل أن تشيخ، تتمنى للمبنى ولأشجار حديقته عمراً مديداً، وتمضي.