بات من السهل على الكاتب أن يصل إلى المتابع بوقت قياسي لم يكن متاحاً له من قبل.. بينما يعتقد الرأي الآخر، أنه مع تعدد هذه الوسائل وكثرتها على نحو غير معهود أصبح الوصول إلى الشهرة أمراً في غاية الصعوبة. وبين هذين الرأيين هناك من يعتقد أن لكل مرحلة من المرحلتين سلبياتها وإيجابياتها، والمهم هنا كيف يمكن الاستفادة من مزايا الاتصالات الحديثة ووفرة المطبوعات الورقية، وبما يحقق الرغبة في الوصول إلى الآخر أو الهدف منه.
في سبعينيات القرن الماضي، وبعد ذلك بسنوات أيضاً، لم يكن العالم، والعالم العربي على وجه الخصوص، يعرف غير المحطات التلفزيونية الوطنية، وكان الظهور على أحدى هذه المحطات حدثاً كبيراً بالنسبة للكاتب أو الفنان التشكيلي على وجه الخصوص، وقد حدثني أحد الكتّاب في سورية في مطلع الثمانينيات، أن ظهوره لمدة ساعة على شاشة التلفزيون أتاح له جماهيرية واسعة بين الناس أكثر بأضعاف مما أعطته له كتبه التي كانت حينئذ تُعد بالعشرات.
ومع أن المطبوعات الورقية كانت قليلة أيضاً في تلك الأيام، فقد كانت الشهرة متاحة لأصحاب الموهبة أكثر مما هي عليه الآن، لأن النشر هذه الأيام وفي ظل تعدد المجلات الورقية المتخصصة أفقدت المتابع القدرة على معرفة ما ينشر فيها كلها، وهذا الأمر أعاق السرعة في الشهرة، وجعلها تحتاج إلى وقت أكبر وظهور أكثر، وربما إلى حظ أوفر.
هذه الأسباب وغيرها، دفعت بعض الكتّاب، والروائيين منهم على وجه الخصوص إلى ابتداع وسائل مبتكرة تدفعهم إلى واجهة الاهتمام الإعلامي، ومن ذلك اللجوء إلى التصريحات النارية أو تضمين رواياتهم كلاماً ممنوعاً لا يتوافق والرأي الرسمي لهذا البلد أو ذاك، وأحياناً للذوق الشعبي العام، كاللجوء إلى قضايا مثل الجنس أو الدين أو السياسة، وهو ثالوث يلقى اهتماماً خاصاً من وسائل الرقابة الرسمية في الدول العربية.
وحتى لا نظلم البعض، فإن من الروايات ما جاء هذا الممنوع فيها متوافقاً والسياق العام للحدث بل ومنسجماً معه، أما البقية الباقية، فإن ما تضمنه من هذا الممنوع، جاء فجاً وكأن صاحبه يدعو الرقيب إلى منع عمله حتى يخرج إلينا صارخاً مستغيثاً على الحرية المهدورة وعلى الرقابة التي تسعى إلى قتل موهبته ورأيه وطروحاته؟!.
أحدهم قال: الشهرة حق للجميع...ولكن ما نخشاه هو أن يتحول البحث عن الشهرة إلى هدف بحد ذاته وليس نتيجة طبيعية لرؤى إبداعية .
ghazialali@yahoo.com">
ghazialali@yahoo.com