ثُمّ ــ وهذا الأكثر إثارة ــ يدخل (برجله اليمنى) إلى أراضي كوريا الديمقراطية برفقة الزعيم الكوري، سيعتقد للوهلة الأولى أنه غير ترامب الذي فاز بالانتخابات الأميركية قبل نحو ثلاثة أعوام وملأ الدنيا صراخاً ووعيداً تجاه هذه الدول بالتحديد، وهذا يدلّ دلالة قطعية على أن الرجل قد دخل سباق الرئاسة الأميركية وليس بحاجة لأي حدث يقلب عليه طاولة الحلم بولاية ثانية.
وباستثناء البازار أو الورشة الرخيصة التي عقدت في البحرين قبل أيام بحضور رئيس الورشة ــ زوج إيفانكا ــ على نية إرضاء الكيان الصهيوني على حساب قضية فلسطين وحقوق شعب فلسطين، فإن كل ما جرى يؤكد أن ترامب في أضعف مرحلة من مراحل ولايته الرئاسية، حيث دخل في مرحلة تقديم التنازلات لإيران والصين وكوريا الديمقراطية ودول أخرى، ولم يعد باستطاعته أن يفعل شيئاً سوى محاولة تجنيد اللوبي الصهيوني من بوابة (صفقة القرن) لمصلحة بقائه أربع سنوات إضافية في عصفورية البيت الأبيض، العصفورية التي شهدت على الرئيس الأكثر مراهقة وصبيانية وجنوناً في التاريخ الأميركي.
فإيران والصين رغم ثقل التحدي وضرر العقوبات عليهما لم تتراجعا عن مواقفهما بل أجبرتا واشنطن على التراجع، أما كوريا الديمقراطية فقد شهدت الحدث الأبرز، حيث زارها ترامب مجرداً من عقدة القوة والعنجهية والغرور دون أن تقدم له شيئاً، وهي سابقة في تاريخ الرئاسة الأميركية، بل على العكس تماماً فبيونغ يانغ ماتزال تتمسك بأسلحتها النووية ولم تتخل عن صواريخها العابرة للقارات..!
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه (بحرقة) شديدة ما الذي ينقص العرب ـ ليس كل العرب طبعاً ـ وهم الذين يملكون الثروات النفطية الهائلة حتى يجبروا ترامب على طأطأة رأسه والقدوم إليهم بلا شروط وبلا صفقات تنهب أموالهم وتورثهم الذل جيلاً بعد آخر، كما تفعل بيونغ يانغ، أم أن المقارنة هنا غير ممكنة..؟!