لن نتهم جاريد كوشنير، أو نلعن دونالد ترامب، أو حتى نسب المنامة بمن حوت في حانتها.. حانة صفقة القرن... فالحفرة ليست في البحرين.. الحفرة أكبر وأعمق زمناً وثمناً.. المؤتمر هناك كان إخراجا إعلاميا لكل ما حصل ويحصل منذ عقود.. كل شيء تم تجهيزه منذ ما قبل انعقاد مؤتمر المنامة.. دماء السوريين.. شيطنة المقاومة.. ما تبقى من بئر النفط الصغير ثمناً لمحو فلسطين.. أشلاء ليبيا.. قداس الخونة على مذابح الربيع العربي.. العراق المتعب.. ومصر الحائرة.. يمن النزيف وخليج التزييف.. أكاد أراهن أن أبا بكر البغدادي كان حاضراً للتكريم فوق كل هذه الخرائط الفضيحة.. هل نلعن بعد مؤتمر المنامة.. وهو الاكثر وضوحاً في وقاحته وسفور قراراته؟.. ما خفي كان أعظم وأشد خطورة.. لكن أنوف العرب لا تشم رائحة الحريق.. يصرخون من جحيم النار فقط.. خلافاً لكل الكائنات..
50 مليار دولار هو ثمن تصفية القضية الفلسطينية من جيوب الخليج.. تخيلوا!!.. لم يطلب منهم دونالد ترامب أكثر.. يتقتر على (جهودهم) من جيوبهم.. اعتاد أن يكون الثمن في المنطقة دماءً، فلماذا يطلب المال؟ فـ(العكال) يدفع بالدولار، والنفط خارج الحدود في الشرق الاوسط، أما هنا فالعملة هي الجماجم المطبوعة على سيوف التطبيع..
قلنا أمس إن دونالد ترامب بات على شاطئ العراء السياسي.. في البحرين كان البث مباشراً لإعلام الجميع أن العرب ذابوا على شاطئه كقناديل التلاشي بجانبه أو تحت أقدامه، وأن الصفقة هي الصيغة النهائية لتاريخ هؤلاء.. فهل يحاولون تزييف التاريخ؟.. ماعادت لهم أصابع ولا حتى أقدام.. لا شيء داخل هذه العباءات سوى الخيانة..
إيران التي يعادونها كُرمى لعيون نتنياهو أسقطت طائرة أميركية على مرمى حجر من مؤتمر البحرين.. أما هم فيحاولون إسقاط القضية الفلسطينية بأكملها، لكن كرمى لعيون من؟؟.. كرمى البقاء على عروشهم المتذبذبة بين أصابع إسرائيل. الفضائح مستمرة.. يأتينا خبر من السودان.. إسقاط النظام على قدم نتنياهو وساق ترامب.. متوالية السقوط لن تنتهي، كأنما الاتجاه وحيداً، ونحو الأسفل، في هذه المنطقة.. سألنا الوجدان الشعبي في تونس، أولى بلدان الربيع العربي.. هل نجحت الثورة؟ كيف الحال بعد ذلك الربيع؟ فقالوا: الأفواه أصبحت أكبر، والطبول الإعلامية تقرع على ضجيج معدتنا.. وثمّة من يصيح إنها (الحرية).. هناك من قال إن البوعزيزي كان ثملاَ عندما ضربته الشرطية، يشبه من قال عندنا وهو ثمل أيضاً (ربِّ يسّر)! .
الحالُ واحدٌ للشعوب العربية التي خرجت تغسل يديها من مؤتمر البحرين، بينما رؤوس الملوك والسلاطين مرمية عند حذاء ساندريلا واشنطن تبحث عن قياس مريح لها.. لماذا لم يلتفت أحد منهم الى الديمقراطية عندما قالت الأمم العربية شعوباً وأحزاباً: لا لمؤتمر البحرين؟.
الكذب بات بلا قناع، الجميع بلا أقنعة، تخيلوا!!، حتى أردوغان صاحب الأنف الطويل في الكذب لم يعد يجد قِناعاً على قياس أنفه لدرجة أنه في اجتماعه مع الرئيس الروسي في قمة العشرين، طأطأ (بينوكيو التركي) برأسه وهمس في أذن بوتين أن ثمة من يضرب احتلاله في سورية، وراح العثماني يشكو همه وهم النصرة مغلفاً بسيلوفان الاتفاق في سوتشي، واستطرد السلطان بأنه يجب على آستنة حماية الدبابة التركية في الشمال السوري.. لم يسجل الكرملن أي استجابة تُذكر، فالصمت في حرم الميدان جمال سياسي من نوع آخر.. يترك للمعركة مساحة صوتها، وللبندقية السورية أن تقول كلمتها.. وكل ما عدا ذلك تزييف في التاريخ للحقائق، حتى بشهادات جامعية.. تخيلوا!! أن أردوغان الذي يطالب بدم الخاشقجي زوَّر شهادته الجامعية، وأمر باغتيال كاتب صحفي كشف تزويره.. وربما قد يغتال آخر يهمس بتهكم: «السلطان تعلم عند شيخ كتاب، وسرق عمامته لصالح الإخوان..».