فما جرى ويجري لم يكن له علاقة لا من قريب أو بعيد بقاطع كهربائي تم إصلاحه ولا حتى بأنبوب نفط أو شاحنة نقل عمل أصحاب الزنود السُمْر على إعادة تأهيلها ووضعها في الخدمة، وإنما كل القصة وما فيها أن هناك قصص نجاح واجتراح للحلول وصنع للمعجزات تقاسم الجيشان الفنيان الكهربائي والنفطي كتابتها وتحويلها إلى واقع ملموس من خلال ترجمتهم للوعود (ليس آخرها ما جرى في الشهباء من إعادة التغذية الكهربائية لعشرات المناطق) التي لم تذهب كما البعض منها في الجهات العامة الأخرى أدراج الرياح.
هذه الكلمات ليست إطراء ومديحاً ولا حتى مغازلة لأحد، وإنما هي حقيقة العقول والعضلات الفنية والتقنية التي نجحت وباعتراف الجميع بإدخال فيل العقوبات الاقتصادية الجائرة والحصار الظالم والحرب الضروس من (خرم) إبرة قلة الموارد والإمكانيات المتاحة والبدء (بما هو متوافر وموجود) بإعادة ضبط وتأهيل المنشآت والبنى التحتية الكهربائية والنفطية وتشغيلها وفقاً للتوقيت المحلي للمخططين والمنفذين الذين نجحوا حتى تاريخه في نيل علامة امتحانهم الصعب لا المستحيل كاملة مسجلين بذلك شهادة وبراءة اختراع سورية خالصة.
نعم، بالأمس كان الفني والتقني السوري تلميذاً بعين الخواجات أصحاب الشركات الأم الأوروبية والأميركية وحتى الآسيوية، واليوم وبعد الضربات المتتالية والمتكررة التي تلقتها بنيتنا التحتية على اختلافها على يد العصابات الإرهابية المسلحة، استطاع التلميذ السوري التعملق والتفوق على أساتذته ومعلميه -كما كانوا يدّعون- ليس هذا فحسب، بل والاستغناء وبشكل كامل عن خدماتهم المأجورة «الخمس نجوم» من حيث القيم والتكاليف، وفك الشيفرات الخاصة بمعداتهم وتجهيزاتهم التي كان بعضها إلى وقت ليس ببعيد ممنوعاً على كوادرنا الفنية والتقنية مجرد الاطلاع عليها، في محاولة منهم للقبض وبقوة على ملف إصلاح الأعطال وإجراء الصيانات والقيام بالتحديثات بأيديهم فقط، وذلك في خطوة كانت تسبق عملية الابتزاز المادي الذي كانوا يمارسونه.
باختصار نجحنا بعرق جبيننا و كدِّ يمننا بقلب الطاولة - إلى حد بعيد - في وجه كل من كان يبتزنا، وما علينا اليوم إلا متابعة السير على طريق تطوير وتحديث ما تم إنجازه، وعدم الاكتفاء بما تحقق، بعيداً عن نعيق ورجم من يريدون حب الدولة كاملاً غير منقوص في زمن الحرب.