وبمعزل عن كونه مجرد اجتماع ثنائي فقد أتاح هذا اللقاء المجال لترقية مشروع الاندماج الأوراسي إلى مستوى آخر حيث كان الرئيسان الروسي والصيني قد تحدثا عن أمور كثيرة: الربط التدريجي لطرق الحرير الجديدة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي على وجه الخصوص في آسيا الوسطى وما حولها، ثم الاستراتيجية المتفق عليها من أجل شبه الجزيرة الكورية.
لقد ناقشوا أهمية دور الربط مع الخليج العربي عن طريق الحرير القديم وأنه على وشك إعادته من جديد من قبل إيران ضمن طريق الحرير القادم.
وكانت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين - أقل من شهر قبل قمة موسكو - قد قدمت دعماً صريحاً لطهران، مشيرة إلى أنه لا يمكن القبول بأي تصرف يهدف إلى زعزعة استقرار إيران، كما كان الرئيسان بوتين وشي جين بينغ قد وطدا خارطة الطريق في الندوة الاقتصادية في سان بطرسبرغ لعملية الربط مع أوراسيا الكبرى حيث استمر العمل في هذا الاتجاه مباشرة بعد قمة منظمة تعاون شنغهاي (OCS) مع مفاوضين أساسيين، الهند العضو في البريكست (BRICS) وفي (OCS) وايران المراقب في (OCS)، وقد تركزت المحادثات في قمة منظمة شنغهاي بين بوتين وبينغ ومودي وعمران خان والرئيس روحاني حول الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات ضد روسيا والوضع المتفجر في الخليج العربي وروحاني الذي بدا قوي الشكيمة واستطاع لعب أوراقه ببراعة بتوصيفه آلية وآثار الحصار الاقتصادي على إيران ما دفع مودي والقادة الآخرين إلى إيلاء الاهتمام الأكبر لخارطة طريق روسيا - الصين حول أوراسيا، وقد تجلى ذلك بوضوح حين أشار الرئيس الصيني إلى أن الاستثمارات الصينية عبر آسيا الوسطى لعدد لا يحصى من المشاريع سيزداد بشكل كبير.
روسيا والصين عللوا دبلوماسياً ما حدث في العاصمة القرغيزية (بيشكك) بأنه ضروري لإعادة سبك النظام العالمي.
ولم تتوقف كل من روسيا - الهند - الصين (RIC) عند عقد الاجتماع الثلاثي، لكنهم أيضاً برمجوا كيفية الانتقال إلى القمة التالية قمة العشرين في أوساكا التي انتهت دون إنجاز أي اتفاقات حول قضايا المناخ والتجارة، ففي هذه القمة تجنب ترامب وتشي جي بينغ الأسوأ بإقرارهم هدنة في حربهم التجارية على أن استعادة المحادثات بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين لم تتوافق مع أي أجندة واضحة، وبذلك فقد ألقى الثنائي الصيني - الأميركي بظلاله على البرنامج الرسمي لقادة العشرين الأوائل للاقتصاد العالمي الذين اختلفوا هذا العام أيضاً حول موضوع المناخ، وخارج المحادثات الثنائية فقد اقتصرت القمة على التعويذات والكلام الفارغ حول مواضيع مختلفة، تصدع إيديولوجي جديد ظهر بين قادة العالم (ليبراليين) وغير ليبرالبيين. فالمفاوضات كانت صعبة للغاية في أوساكا لدرجة أن يعترف ماكرون قائلا : (حتى لو تجنبنا الأسوأ فهذا غير كاف).
المساومات حول المناخ كانت الأكثر مكابدة، فقد استغرقت الوقت الأطول بعد أن فشل الأوروبيون بالدفاع عن طموحهم في هذا المجال، وفيما يخص التجارة أيضاً كما حدث في العام ٢٠١٨ في بوينس آيرس، كانت خيبة الأمل كبيرة، الأمر الوحيد والأكيد هو أن قمة أوساكا كانت رهينة اللقاء تماماً بين الأميركي والصيني، فالصراع قائم ومفتوح منذ أشهر حول المسائل التجارية وكما حصل في العام الفائت أن موضوع الحدث الرئيس لقمة العشرين لم يكن له علاقة بهذه القمة.