لقدبرزت قضية اللجوء داخل الخط الأخضر إثر نكبة الفلسطينيين الكبرى في عام 1948 ، حيث بقي في المناطق التي أنشئت عليها إسرائيل 156 ألف فلسطيني ، فبعد أن سيطر الجيش الإسرائيلي على أملاك اللاجئين وأرضهم من خلال استصدار ما يسمى قانون الغائبين في 20-3-1950، أصبح الحاضرون في وطنهم وغير القاطنين في قراهم ومدنهم غائبين، وصودرت أملاكهم وأراضيهم ، وبلغ عدد هؤلاء في عام 1950 حوالي (45) ألف لاجىء فلسطيني حسب تقرير وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الاونروا في العام المذكور، وقد شرد هؤلاء بفعل ارتكاب المجازر من (44) قرية فلسطينية في عام 1948، وتركز معظمهم في منطقة الجليل في شمال فلسطين ، وأقلية في الوسط الفلسطيني والجنوب، وهؤلاء يعانون ظلماً مزدوجاً ، فمن جهة هم جزء من الأقلية العربية داخل الخط الأخضر التي تواجه تمييزاً عنصرياً إسرائيلياً كنموذج خاص في التاريخ الإنساني المعاصر ، ومن جهة أخرى هم مهجرون يعانون جراء عدم القدرة في العودة الى قرية او مدينة الأصل التي طردوا منها ، وتفاقمت قضية اللاجئين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر بفعل الزيادة الطبيعية بينهم وارتفاع عددهم ليصل إلى نحو مائتين وستين الفاً في عام 2012 ؛ حيث يشكلون نحو ربع مجموع العرب الفلسطينيين هناك ، فضلاً عن عدم قدرتهم من العودة إلى قراهم ومصادرة المزيد من الأراضي المتبقية بحوزة الفلسطينيين، حيث صادرت إسرائيل نحو 97 في المائة من الاراضي ؛ ولم يتبق بحوزة الفلسطينين بشكل عام سوى ثلاثة في المائة من مساحة الأراضي ، رغم انهم يشكلون نحو عشرين في المائة من سكان إسرائيل في عام 2012.
وللضغط على اللاجئين داخل الخط الأخضر وغيرهم من الفلسطينيين ، استصدرت السلطات الاسرائيلية اكثر من خمسين قراراً لمصادرة ما تبقى من اراضي الفلسطينيين ، وهدمت منذ عام 1948 وحتى عام 2012 أكثر من عشرة الاف منزل للعرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر تحت حجج واهية وأمنية ، وذلك بغية محاصرة الفلسطينيين والتفكير في الهجرة في نهاية المطاف لتحقيق الهدف الديموغرافي في المدى البعيد ، وتشير الدراسات حول الفلسطينيين الموجودين داخل الخط الأخضر إلا أن السلطات الإسرائيلية وضعت مخططات لهدم أربعة عشر ألف منزل للعرب في السنوات القليلة القادمة لجعل حياة الاقلية العربية صعبة ولاتطاق .
وتشير الدراسات انه من بين 162 قرية هدمت كلياً داخل الخط الأخضر وبالتحديد في منطقة الجليل والنقب ، بقي مهجرين من 44 قرية فقط ، الأمر الذي يجعلنا نؤكد ان أهالي 118 قرية مهدمة لايوجد منها أي شخص يذكر داخل الخط الأخضر بعد نكبة عام 1948 .
وتبقى الإشارة إلى ضرورة وأهمية القيام بدراسات مفصلة عن قضية الحاضرين الغائبين في داخل الاخضر ، ومطالبة الاونروا في إعادة تضمينهم في جداول ومعطيات تقاريرها السنوية ، ونخص بالذكر هنا تقرير المفوض العام للاونروا السنوي الدوري ، وفي نفس الوقت العمل على إلغاء القوانين الاسرائيلية الجائرة التي أدت الى السيطرة الاسرائيلية على القسم الاكبر من مساحة فلسطين، والمطالبة الحثيثة في كل المناسبات وعبر القنوات القانونية والحزبية من أجل عودة الحاضرين الغائبين - بفعل عمليات التهويد المبرمجة - في أرضهم إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها في عام 1948 وبعده ، وفي هذا السياق يذكر ان للجنة الاربعين المؤلفة من ناشطين فلسطينيين في داخل الخط الاخضر ، وغيرها من اللجان والأحزاب العربية نشاطات هامة تخدم أهداف اللاجئين الداخليين في العودة الى قرية او مدينة الأصل ، سواء في الجليل او الساحل او الجنوب او الوسط الفلسطيني الذي يضم منطقتي اللد والرملة . ومن الاهمية القول بإن مجرد وجود جزء من الشعب الفلسطيني في داخل المناطق المحتلة عام 1948 يعتبر بحد ذاته تحدياً لمنطق الاحتلال وسياساته الاحلالية التهويدية ؛ فهم أي -الفلسطينيون- في أرضهم أشجار صبار في مواجهة الاحتلال.