تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


باتريوت تركيا.. حلقة في الدرع الصاروخية الأميركية

شؤون سياسية
الخميس 6-12-2012
هيثم عدرة

المعطيات الدولية وما يجري فيها من تحولات حول قضايا كثيرة تعطي مؤشرات حول تزايد التوتر الدولي من جهة , ومن جهة أخرى بدأت بوادر الحرب الباردة تأخذ أشكالا جديدة تختلف في الأداء عن الفترات السابقة ,

وهذا يعود إلى اعتبارات كثيرة من أهمها التباعد في الأفكار والاستراتيجيات بين الغرب والولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى , وهذا بالطبع يعطي مؤشرات على أن حالة القطب الواحد لم تعد مجدية أو لنقل لم يعد مسموحا بها على الصعيد الدولي ,وبداية تشكل أقطاب متعددة وقوى إقليمية , وهذا ماأفرزته الأحداث والمتغيرات في منطقة الشرق الأوسط .‏

قضايا كثيرة علينا التعامل معها بعين المراقب من خلال التحولات العالمية والتي تعطي مؤشرات على بداية تشكيل توازنات دولية بعيدة عن سيطرة القطب الواحد, واقع الصين إضافة إلى مايجري في منطقة الشرق الأوسط , كل ذلك افرز واقعا جديدا من خلال ظهور قوى إقليمية لايمكن تجاهلها مستقبلا .‏

المحاولات التي جرت وتجري والتي تهدف إلى عزل إيران والتهديدات المستمرة بضرب قدراتها المتنامية هي حالة سياسية غير واقعية أو لنقل لايمكن أن تصل إلى نتائج , فالواقع الدولي يسير بعكس الاتجاه الذي يرمي إلى ضرب إيران , بل يمكننا القول إن القدرات الإيرانية هي مصدر حالة من التوازن في المنطقة والتي بدونها كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف وفق أهوائها واستراتيجياتها وتدخلها المباشر بشؤون المنطقة وابتزازها ,وعملت الولايات المتحدة على الدوام بإظهار إيران وكأنها حالة تهدد دول المنطقة وتحديدا دول الخليج , وبالطبع الهدف من هذه السياسة واضح وهو المزيد من السيطرة على الخليج من جهة وإبرام صفقات الأسلحة التي توضع في المستودعات من جهة أخرى بحجة الخطر الإيراني .‏

كل ذلك بمثابة حجج واهية تتستر وراءها السياسة الأمريكية من خلال نشر الدرع الصاروخي تحت حجة الخطر الإيراني المتنامي والذي يهدد مصالح الغرب والولايات المتحدة , وبدأت الأصوات تتعالى إلى إقامة الدرع الصاروخي في منطقة الخليج بحجة الخطر الإيراني وتحت هذه الحجج الواهية تتابع الولايات المتحدة تجييش العالم ضد إيران , ولكن الصورة بدأت تتوضح أكثر فأكثر لكل مراقب سياسي ما جعل روسيا تتابع باهتمام ماترمي له الولايات المتحدة من تغيير ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط , والذي اتضح وسيتضح من خلال مايجري في البلدان العربية تحت تسميات وشعارات براقة كالحرية والديمقراطية , والواقع والمعطيات على الأرض توضح كيف تقوم الولايات المتحدة والغرب بإيجاد صيغ للحروب تعتمد على كل بلد بمكوناته وتأخذ أشكال تعتمد على صيغ داخلية , أو الطريقة التي يتحدث بها الاستراتيجيون العسكريون في الغرب والتي تعتمد على إمكانية التدمير الذاتي عبر صنع بؤر توتر والتحكم بها وصولا إلى الغاية المرادة.‏

يبدو انه توجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى حلول واضحة لمعضلة الدرع الصاروخي بين واشنطن وموسكو خصوصا أن الحلف الأطلسي لم يعط ضمانات واضحة بأن الدفاعات الصاروخية الأوروبية ليست موجهة ضد روسيا , وهذه الحالة المستعصية أفرزت عدة معطيات على الصعيد السياسي والعسكري من جانب روسيا ردا على نشر عناصر الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا وفي تركيا والمطالبة بالدرع الصاروخي في منطقة الخليج , وهذا يفسر تصاعد حدة التوتر والتي أخذت وتأخذ أشكالاً مختلفة .‏

في هذا الاطارتأتي المطالبة التركية بنشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سورية شكلا من أشكال التصعيد في المفهوم الاستراتيجي كونها تدخل في سياق مايسمى بالدرع الصاروخي وهي بالمحصلة ليسى المقصود بها ما تردده أجهزة الإعلام التركية والغربية والأمريكية .‏

بكل الظروف يمكن القول إن شبكة المضادات الصاروخية التي أقامتها الولايات المتحدة في العديد من الدول الأوروبية وتركيا والتي تشكل تهديدا مباشرا للعلاقات بين موسكو وواشنطن , فهذه المنظومة الصاروخية تشكل في المستقبل خطرا على الصواريخ البالستية الروسية , وهذا يعطي مؤشرات على أن فجوة الخلافات في هذا الإطار لا يبدو أنها تنوي تغيير نمط سلوكها تجاه مناطق عديدة في العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية