تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيف نحمي أطفالنا من اضطراب (الكرب) مابعد الصدمة؟!

مجتمع
الخميس 6-12-2012
محمد عكروش

حين يتعرض أي طفل لخطر فإنه يحتمي بأمه أو أبيه أو أي شخص كبير يحميه أو يلوذ بالفرار نحو بيته ليجد فيه الأمان...أما في حالة الأزمات فلا يجد مصدراً للحماية ولا يجد ملاذاً آمناً....

فما هي مشاعر هذا الطفل الذي يحاصره الخطر ويداهمه في كل جانب، فإنه يفتقد إلى أي غطاء يشعره بالأمان النفسي، ولا أبالغ إذا قلت إن هذا الطفل يعاني من وضع متفرد ولا يكاد يوجد مثيلاً له في العالم كله...‏

صدمات متتالية‏

وللوقوف على آثار الأحداث الصادمة على نفسية الطفل التقينا الأستاذ الدكتور فايز الحاج أستاذ الصحة النفسية بجامعة دمشق حيث أجاب بالقول: الطفل يواجه خبرات صادمة وأخطاء هائلة وهذه الخبرات مستمرة ومتصاعدة ومفرطة وغير انسانية وغير منطقية ولعل أبرز الأعراض التي تتبدى من الأطفال ازاء هذه الصدمات المتتالية هي القلق والخوف الشديد والاحساس بالعجز والرعب والاضطرابات السلوكية الأخرى ولعل من أبرز الأمراض النفسية العصابية التي يتعرض لها الأطفال ما تسمى الأعراض أو الاضطرابات التحويلية مثل الشلل الهستيري أو البكم الهستيري (الافازيا) أو فقدان الذاكرة الهستيري (امنيزيا) وازدواج الشخصية والتبول الليلي اللا إرادي والأحلام المزعجة والكوابيس إلى جانب أعراض اضطرابات كرب ما بعد الصدمة.‏

الذاكرة الصدامية‏

- د. فايز هلا أعطنا فكرة موجزة عن اضطرابات كرب ما بعد الصدمة ؟‏

(P.T.S.D) ويقصد به اضطراب كرب ما بعد الصدمة، وان السمة المرضية الأساسية في هذا الاضطراب هي الذاكرة الصدمية:‏

-- عندما يتعرض الإنسان لحادث صدمي يؤذيه ويجرح صحته النفسية (رضية) بمعنى أنه مر بخبرة مؤلمة أو شاهد أو واجه حدثاً أو احداثاً تضمنت موتاً حقيقياً أو تهديداً بالموت أو اصابة بالغة أو تهديداً شديداً لسلامته أو سلامة الآخرين.‏

- مجموعة ردود أفعال واستجابات تتبدى من الشخص كالخوف الشديد والقلق والإحساس بالعجز والهلع وفي الأطفال تظهر في صورة سلوك مضطرب.‏

- استعادة الحدث بشكل متكرر وضاغط على شكل أحلام وكوابيس ليلية مفزعة.‏

- تذكر الحدث بشكل متكرر ومقتحم وضاغط وذلك يتضمن صوراً ذهنية أو أفكاراً أو مدركات تعطل فعالية الفرد جزئياً أو كلياً.‏

- استجابات فيزيولوجية أو انضغاط اكلينيكي واضح يؤدي إلى تدهور في الانشطة الاجتماعية أو الوظيفية.‏

- أطفال يمكن اصابتهم‏

ما هي نسبة انتشار اضطراب الشدة أوالكرب بعد الصدمة التالي للرض وفي أي عمر تصيب ؟‏

-- من 1 - 3% من التعداد العام للسكان وتتراوح نسبة انتشار المرض من شكل تحت السريري للاضطراب بالمخفف من 5 - 15% ولكن ضمن الجماعات الذين تعرضوا لاحداث صدمية ذات خطورة عالية أثناء الحروب فإن معدل انتشار الاضطراب يتراوح ما بين من 5 - 75% ففي حرب فيتنام مثلاً هناك حوالي 30% من جنود فيتنام اصيبوا باضطراب الشدة بعد الصدمة اضافة إلى 25% عانوا من هذا الاضطراب المخفف من شكل تحت السريري.‏

وان اضطراب الشدة بعد الصدمة يظهر في أي عمر إلا انه أكثر انتشاراً عند الراشدين ومع ذلك يمكن للأطفال أن يصابوا بالاضطراب.‏

- تفاوت الأعراض‏

عند وقوع الإصابة بالاضطراب الشدة (الكرب) ما بعد الصدمة هل من الممكن ان يستجيب المريض للعلاج وما نسبة الشفاء من هذا الاضطراب؟‏

-- تتفاوت شدة الأعراض من شخص لآخر ومن وقت لآخر ولكنها تبلغ ذروتها في أوقات الانضغاط النفسي الشديد وقد تبين من الدراسات التي أجريت على الحالات النمطية من كرب ما بعد الصدمة (P.T.S.D) أن30% من الحالات تم شفاؤها تماماً،40% من الحالات يستمرون في المعاناة من بعض الأمراض البسيطة،20% من الحالات يعانون من أعراض متوسطة الشدة،10%من الحالات تبقى كما هي.‏

- شبكة من الدعم‏

هل هناك برنامج علاجي ناجح في علاج اضطراب الكرب (الشدة) مابعد الصدمة؟‏

-- من خلال تعاملي الشخصي المباشر مع بعض الحالات التي حضرت للعلاج والتي كانت تعاني من بعض الأعراض التحويلية مثل الشلل الهستيري أو فقدان الذاكرة فإن العلاج النفسي وخاصة العلاج السلوكي والعلاج المعرفي كان متميزاً ومفيداً في كثير من الحالات في استعادة التوازن النفسي واستعادة القدرة على التعامل مع عواقب الحدث الصادم ولا ننسى دور العوامل الاجتماعية والدينية التي تخفف كثيراً من وقع الصدمات على الأفراد والتي تشكل شبكة من الدعم والمساندة تمتص جزءاً مهماً من الصدمات وتساعد على مواجهة آثارها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية