هي سنوات طوال قطّعت الأوصال حتى ظنّ قطاع الطرق، مغتصبو الحقوق، مزورو الحقائق، المبدعون في انقلاب وتقليب الصور وإعطائها ألواناً غير ألوانها، فكان القرار، قرار المستعمر الغربي فرنسياً كان أم بريطانياًأم ألمانياً أم إيطالياً، وغيرها من الدول التي استعمرت شعوباً
ومازالت تحلم بالعودة إلى الاستعمار وبالتالي لايهم اليوم من هو المستعمر لأن أدواته تعدّدت وأساليبه تنوعت، فالمرتزقة ما أكثرهم والعملاء حدّث ولاحرج، ومن فسد ضميره لا أسف عليه، فالعدو عبر التاريخ تسلل من باب السياسة وصعد من شباك الاقتصاد، وغزا مفتاح الثقافة، ودنسّ سجادة المجتمع وعبث بكل ألوانها الجميلة والتي لولاها لما صمدت سورية آلاف السنين ولماشهدنا أوكار الإرهاب تنغل في أصقاع الأرض لتصل جراثيمها القاتلة إلى سورية.
نعم عادت الروح وعاد النفس بقوة، وعاد الهدير يختلج في بواطن الأشياء، لواء اسكندرون الذي ماغاب يوماً عن حدود خريطة الجمهورية العربية السورية..ولاغاب عن المشهد السياسي منذ اللحظات الأولى لاندلاع الأزمة السورية.
فانتفض أبناؤه بكل كبرياء الوطن وعظمة رايته في كل الولايات السورية المغتصبة عنوة من قبل الأتراك وقبلهم الفرنسيين فرأينا هم كيف حاصروا بالآلاف المؤلفة في انطاكيا ما يسمى مجلس عصابات اسطنبول واقتحموا الأسوار والأسلاك الشائكة التي زرعتها شرطة أردوغان وعصاباته، كيف تعرضوا للقتل والغازات المسيلة للدموع والضرب بوحشية دون أن يرف لديمقراطية إخوان أردوغان جفن أو يحرك فيه عصب حياء، وهكذا تواترت أخبارأهلنا في اللواء السليب يجسدون في كل يوم موقف صمود وموقف مقاومة والأهم موقف تمسكهم بجذورهم السورية، بهوائهم العربي السوري، فملؤوا الساحات الكبيرة في شوارع أنقرة واسطنبول تظاهروا أمام سفارات الدول والحكومات الداعمة للإرهاب وفي المقدمة حكومة هذا العثماني الذي أراد اليوم أن يتقمص زوراً فترة عفنة من فترات الاحتلال العثماني البغيض
أهلنا الأعزاء الكرام في أنطاكيا واللواء في أضنا وكيليكية في كل شبر فيه من ينطق لغة الضاد، كنتم أعزاء ووطنيين بامتياز رأينا مفكريكم عبر السكايب، عبر الهاتف، عبر الصحف والمقالات المكتوبة، عبر الفضائيات والتقارير الميدانية تهتفون باسم الوطن العربي السوري وتنشدون نشيده الرائع تغنون أغانيه الوطنية، بحناجركم الدافئة وحبال أصواتكم المشبعة بالحنين والحنان وأنتم تعكسون بتلاحمكم ووحدتكم وجمال هيبتكم أطفالاً كنتم أم شباناً،رجالاً ونساءً أجمل لوحة يرسمها أهلنا في اللواء، لوحة أن السوري يبقى على مرّ الزمان يعتز بسوريته رغم كل سياسات التتريك والفرنسة وغيرها.
وبالأمس القريب تعرفت أجيال سورية بكل مراحلها على هوية لواء اسكندرون جنة سورية وسورية جنة الله على الأرض من خلال ذكرى مرور سلخه عن جسد الوطن .
وبالأمس القريب أيضاً وعبر اليوتيوب شاهدنا بأم العين عبر شاشاتنا الوطنية كيف أن أبناء لواء اسكندرون السليب يغنون وطنهم الأم سورية يرددون بما يشبه السيمفونية الخالدة كلمات الأغنية التي تم تحضيرها للاحتفال باليوبيل الذهبي لعيد استقلال الوطن بالذكرى خمسين 1997، والتي أصبح يرددها كل سوري كما يردد اسمه: فهل هناك أجمل من لالي لالي، لالي ياعلمنا لالي بالعالي اسمك بوطنا غالي.. تحت جناحوا أنا بتفيا أنا سوري آه يانيالي.
فالاحتفالية التي نظمها أهل اللواء أو لنقل التظاهرة الغاضبة والتي عنونت شعارها عبر المانيشتات واللافتات العريضة «أميركا القاتلة وحلفاؤها انقلعوا برّة) وهذه العبارة كتبت باللغتين العربية والتركية وذلك أبناء اللواء ومحافظة مرسين وغازي عنتاب خرجوا بحشد بشري رائع لنصرة سورية، سورية التي ماتخلّى عنها أبناؤها الشرفاء سواء أكانوا داخل الوطن أم خارجه.. واللواء السليب ستعود إلى حضن الوطن الطبيعي فالغياب لم يعد طويلاً فالشرايين اشتاقت إلى جسدها الأم والأوصال المتناثرة حنّت إلى ربوعها فالشعب والجيش والقيادة يبذلون الغالي والنفيس لتعود سورية الطبيعية كما كانت كاملة السيادة على كل شبر من أرض الوطن..