، والسياسيين ، والمفكرين، لأن عقول أكثرنا لا تعمل إلا على تردد واحد..تردد الطائفة ، المذهب ،
العرق ، فتاوى الشيخ ، أو فتاوى المسؤول السياسي ، وخاصة في هذا الزمن الذي باتت فيه الدوحة ، والرياض ، وتل أبيب ، وواشنطن ، وباريس ، ولندن ، وأنقرة عواصم لهذا الذي أطلقوا عليه «الربيع العربي».
على شاشات التلفزة تعرض مشاهد متوحشة للقتل والدمار والاغتصاب، للأسف تمر تلك المشاهد المتوحشة ، والمقززة للمشاعر، دون أن تحرك غضب شوارعنا أو أن تحول هذا الغضب إلى طاقة فعل ضد أصحابها ، وعلى الربيع الذي أنتج هذا العهر والقرف والدم.
هل رأيتم ذاك الشاب الليبي وهو يقود سيارته المحملة بالمتفجرات لتفجيرها وتفجير نفسه في وسط مدينة سورية فرحاً، معلناً أن « الأمورة » يقصد حورية الجنة تنتظره ليطارحها الجنس.. و كان يحمل لها معه لباساً داخلياً ليكتمل المشهد الرومانسي .
لم يسأل هذا الفتى الليبي إن كانت الجنة للعبادات أم للشهوات ، ولم يسأل نفسه كم طفلاً، وشيخاً، وامرأة وشاباً سيقتل بسيارته المفخخة،ولا عن العلاقة بين سفك دم هؤلاء والوصول إلى تلك الأمورة التي تضج بالشهوة.
ثقافة « الأمورة» الوهابية ترتبط بثقافة الصهيونية . لنلاحظ الربط ..
وزيرة خارجية الكيان الصهيوني السابقة ليفني اعترفت بممارستها الجنس مع زعماء عرب من أجل إسرائيل ، لأن هذا العمل الجهادي سيدخلها الجنة ، وستكافأ عليه بأربعين « أمور» في جنة عرضها السموات والأرض ، وفي الثقافة الصهيونية أيضاً أحل لليهودي قتل الأطفال والرجال والنساء وحرق الزروع والضروع والإبادة الكاملة للكافرين أي أعداء الشعب اليهودي ، أليس هذا مايفعله التكفيريون في سورية ؟!
هل رأيتم « نادية » تلك الشابة اليافعة التي تمزقت مشاعرها قبل جسدها بوحشية من قبل من يسمون أنفسهم مجاهدين، اغتصبوها ، تناوبوا عليها كما تتناوب الكلاب على جيفة ..وتركوها تنزف عارية في شارع مدينتها .
هل قرأتم فتوى شيخ تكفيري أحل للمجاهدين اللواط مع بعضهم البعض ؟!
إن مايجري اليوم على الساحة السورية يجب أن يشعل غضب السوريين وغير السوريين، لو كانت تلك الأفعال في بلد آخر لتفجر الشارع غضباً .
ماذا يفعل المثقفون ، والفنانون ، والسياسيون في الأحزاب الوليدة ، والقديمة العتيدة ، أين دور أعضائها خارج التلفزيونات التي باتت حكراً على كم واحد يجيدون الإعلان لا الإعلام ، أين دوري أنا كمواطن ؟ ومن المسؤول عن تأطير ، وتطوير، وتفعيل هذا الدور، ماذا يفعل القادة الميدانيون في المحافظات ؟!..
نحن جميعاً مطالبون بفعل شيء في وجه هذا التسونامي، وعلى الجهات المسؤولة تنظيم ذلك الفعل ، لماذا تترك الأمور سائبة كما هي سائبة في توزيع المازوت والبنزين والخبز ؟!.
لأننا نحن العرب نكره الأسئلة ، ونكره التأمل ، و البحث عن الأسباب، قبل الغرق في النتائج ، لم نستطع نحن العرب طوال تاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي والديني ، ان نخرج من دائرة التفكك، والعنف، والتصنيفات المذهبية ، والطائفية، والعرقية ، لهذا بقي تاريخنا مثقلاً بمشكلات ، وأمراض، ومصاعب ، ومفاهيم هي في الأساس ليست من جوهر معتقداتنا الثقافية والفكرية والدينية التي بنت في مراحل الزهو الحضاري أسس انطلاقة عربية حضارية لم نستثمرها، ولم نعمل على التأسيس عليها والانطلاق،كما انطلقت شعوب أخرى بنت اليوم نهضتها وتطورها واحترامها وألق عقولها.
عندما بدأ محمد علي باشا بناء مشروع العرب الحضاري ، لم تكن اليابان، ولا أمريكا ، ولا الصين ، أو الهند ، أو ماليزيا، او البرازيل قد بدأت مشروعها الحضاري الذي نشهد اليوم تألقه في هذه البلدان ،في ذلك الوقت نجح الغرب في إطلاق المشروع الوهابي على يد محمد بن عبد الوهاب، وقامت الدولة العثمانية والغرب الاستعماري بمحاربة محمد علي باشا عسكرياً واقتصادياً، وهاجمت جيوشه في سورية ولبنان وفلسطين ومصر ، وسقط المشروع.
وعندما بدأ عبد الناصر والبعث وقوى قومية وتقدمية مشروعها العروبي الحضاري في مطلع خمسينيات القرن الماضي، تجمع تحالف العربان الرجعيين والغرب الاستعماري على محاربته فكان عدوان عام 1956، وعدوان حزيران 1967 ، وكان سقوط الوحدة بين مصر وسورية ، .. وللتذكير فقط نقول إن القوى التي أسقطت مشروع العرب الحديث ، هي القوى نفسها التي تحارب سورية لإسقاط مشروع المقاومة وهي : « السعودية ، ودول الخليج، وتركيا، وقوى لبنانية ، وأمريكا وإسرائيل والغرب الاستعماري ».
إن مايسمى بـ «الربيع العربي » يقود العرب إلى القضاء على مفهوم العقل و الفكر، وعلى مفهوم الوطن والمواطنة ، ويدمر العلاقة مابين العربي والدين والله والقيم ، ويدمر العلاقة بين المواطن والمواطن في الوطن الواحد ، والمدينة الواحدة ، وفي الحي الواحد، ويضرب مفهوم العلاقة مابين الإنسان والإنسان