تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


« بيــن عالمين »

معاً على الطريق
الخميس 6-12-2012
لينا كيلاني

بالعودة الى أولويات ما أصبحنا نتعلمه في هذا العصر نجد أن أموراً باتت ملحة وتتطلب منا أن نوليها عناية خاصة إن لم نقل أن نبرزها، أو نفضلها على غيرها بنسبة أكبر، وخاصة لدى الأجيال الجديدة.

ولعل موضوع التجانس أو التفاهم مع الآخر قد أصبح من أكثر الموضوعات إلحاحاً في هذا القرن الجديد، لما يشهده العالم من صراعات ومنازعات تصل أحياناً الى حد الحروب نتيجة التنازع على المصالح الاقتصادية من جهة، إضافة الى عدم فهم الآخر بالشكل الصحيح من جهة أخرى.‏

لقد أصبح لعنوان (التداخل الثقافي) بين الشعوب دوره الكبير في التقريب بين شعوب العالم بانتماءاتها المختلفة، وعقائدها المتعددة للوصول الى حالة من الفهم والاستيعاب لحضارات هذا العالم، والعيش بالتالي في حالة أقرب الى السلم والتصالح منها الى العداء والتنافر. عنوان لابد له أن يرتكز على أسس عدة لا تبدأ بالتعلم ولا تنتهي بالممارسة، بل باستمرارية هذه الممارسة على مدى عقود أو أجيال.‏

ومادامت الأسس التي توصل الى الغاية من انفتاح كلٍ على الآخر تؤكد على استبعاد المفاهيم المكرسة للانغلاق وابتعاد البشر عن بعضهم بعضاً، فما أحوجنا نحن العرب الى تقريب مفاهيمهم (القيمية) من المفاهيم المعاصرة إن لم نقل الغربية، إذ قد تختلف ممارسة الاستقلالية الفردية في الغرب عن ممارستها ضمن المجتمعات العربية والإسلامية، ومن هنا ننطلق الى إضافة هامش أو مساحة إضافية للحرية الفردية ضمن الحفاظ على الأسرة، والدين، وقيم المجتمع، ودون أن نطمس مفاهيمنا الأصلية.‏

والأمر ينسحب أيضاً على مفاهيم أخرى كالعلاقات الأسرية، والعادات، والقيم الروحية، والتراث، وغيرها بحيث تأخذ هذه المفاهيم الجديدة القديمة حيزاً بعيداً عن التعصب، ودون الإحساس بالانفصال عن الآخر، أو الشعور بالعدوانية تجاهه لمجرد كونه من اتجاه فكري أو تربوي مختلف، والعداء بين البشر تحكمه اختلافات الاتجاهات.‏

ومن المفاهيم الجديدة ما يمكن غرسه أيضاً في أطفالنا كالوعي البيئي، والآخر الصحي، والمشاعر الإنسانية، وعدم العنف، والتعاون في الكوارث والمحن، وبث روح الجماعة أو الفريق في العلم والتعلم وحتى في الإنجازات الفنية. صحيح أن هناك فوارق بين الشعوب، والتداخل لا يعني المطابقة أو الانصهار بل يعني الوصول الى نقاط الالتقاء.‏

هذه المفاهيم وغيرها لابد أن تترجم من خلال الأدب في مضامين القصص والروايات، والمسرحيات، والأغاني، وحتى الموسيقا يمكن أن تتشبع بهذه القيم.‏

وفي أدب الطفل تحديداً لابد للمترجمات أن تكون ذات مضامين مشتركة بين البشر، واضحة ومفهومة، وليس من الضروري ترجمة كل المضامين المبثوثة في الأعمال الأدبية الطفلية المختلفة، وهذا غير ممكن أصلاً، وإنما تختار بعناية أفضل النماذج من آداب الأمم لتقديمها للأطفال بلغات مختلفة. وأنا لا أستبعد هنا الأساطير والقصص الشائعة بين الشعوب كلها مع خلق قصص جديدة من زمننا المعاصر ذات مفاهيم جديدة. فالكنز ليس بالضرورة أن يكون من المجوهرات أو الذهب بل يمكن أن يكون في اكتشاف علمي، أو نظرية علمية، أو معدن ثمين أو نفط الخ...، وماذا أيضاً لو عمد الأدب الى تقديم الاكتشافات العلمية بروح فنية سواء في قصة، أم أوبريت، أم أي عمل فني أم أدبي آخر لشحذ الإبداع والابتكار ما يحطم بدوره الحواجز بين الأمم المتقدمة والأخرى التي هي في سبيل التقدم.‏

إن اختلاف مفهوم الإبداع في زمن الانترنيت يستدعي أساليب جديدة للتعبير دون خوف ليخرج الإبداع. كما أننا بحاجة أيضاً لتنوع الأفكار فالتنوع يولد الإبداع لتعدد المجالات. ولابد أيضاً من طرائق تربوية حديثة تتيح ذلك للأطفال من خلال مناهج جذابة ومبهجة يستوعبها الطفل، ويحبها، لترسخ المعلومات في ذهنه، ومن ثم يُطلق الإبداع.‏

إذن فالعوالم تتداخل بين هذا وذاك.. والتصالح هو من أجل التعايش وسلامة البقاء.. وما خطوة باتجاه الآخر إلا وتحمل في مضمونها تقديراً للإنسان أينما وجد وفي أي زمان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية