تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الطنبور والناي.. في أمسية موسيقية روحانية

ثقافة
الأربعاء 4-5-2016
أحمد بوبس

في أمسية موسيقية صوفية امتزج عزف الطنبور بريشة رامي الحاج حسن والناي بنفس ابراهيم كدر، لنسمو على امتداد ساعة من الزمن إلى عوالم روحية نقية، في الأمسية التي أحياها العازفان في دار أوبرا دمشق.

‏‏

وأولاً كان التوفيق حليفهما في اختيار البرنامج الذي قدماه، والذي ضم أعمالاً موسيقية من عيون الموسيقا الصوفية، والتي في معظمها تركية. وكانت البداية مع تقاسيم على الطنبور لرامي الحاج حسن، مهدت للأجواء الروحية التالية، ليأتي بعدها بشرف بنجكاه للموسيقي التركي صاح ددّه. وصالح موسيقي تركي من أسرة (ددّه) التركية الموسيقية الصوفية، وكلهم من أتباع الطريقة الصوفية المولوية التي أسسها جلال الدين الرومي في مدينة قونية، أما المقام (بنجكاه) فهو مقام موسيقي فارسي، وهو نادر الاستعمال في الموسيقا العربية، وعودة إلى البشرف فقد حمل لمحات صوفية أضفى عليها أداء رامي وابراهيم جمالاً ورونقاً.‏

بعد ذلك قدم العازفان سماعي عشاق للموسيقي التركي عزيز ددّه، وهذا السماعي من أشهر الأعمال الموسيقية الصوفية، ويتم عزفه عادة في مقدمة الوصلات المولوية، وعلى الرغم من أن للسماعي نظام موسيقي واحد، إلا أن عزيز دده تفنن في إظهار الجانب الروحي فيه، فخلق جواً من الخشوع في الصالة.‏

بعد ذلك توالت الأعمال الموسيقية في الأمسية، فكان منها بشرف مقام محيّر كردي للموسيقي الأرمني آصديق آغا، وهو مجهول بالنسبة لي. ثم جاء بعده سماعي من مقام حجاز همايون للموسيقي ولي دده. ومقام همايون مقام موسيقي تركي نادر الاستعمال في الموسيقا العربية، لكنه شائع الاستعمال في الموسيقا الصوفية. لتتوالى بعد ذلك الأعمال الموسيقي الصوفية، مثل لونغا من مقام (قرجغار) للموسيقي تورهان يالجين ومقطوعة (العشق الجميل) من التراث الصوفي. وكان لرامي الحاج حسن مساهمة في البرنامج بمقطوعة (نظرة) وهي فانتازيا موسيقية جميلة حملت ملامح صوفية دون أن ينقصها الاحتراف الموسيقي في التأليف. وكنا في النهاية أمام وصلة لثلاثة من الموسيقيين، وهم جميل بك وحسين أريل وأندون، وإن كنت أتمنى لو ضم البرنامج موسيقا أكثر لجميل بك ملك العزف على الطنبور، والذي لقب بجميل بك الطنبوري. لتنتهي بسرعة تلك الساعة من السماع الصوفي.‏

ولابد من وقفة عند عند الأداء الممتع لرامي الحاج حسن على طنبوره وابراهيم كدر على نايه. فقد كان عزفاً صافياً نقياً، ظهرت فيه النزعة الصوفية الصادقة عند الاثنين. عزفا على آلتيهما بخشوع الصوفي وقدرات العازف الكبيرة. فكان عزف رامي على الطنبور شفافاً حنواً، فهو لايكاد يلامس الأوتار حتى تنهمر الموسيقا عذبة عفوية دون تصنع أو استعراض. أما ابراهيم كدر على ناية، فقد امتزجت آهات صدره بآهات الناي، فأذ بمزامير داوود تسكننا خشوعاً وطرباً.‏

ورامي الحاج حسن على الرغم من تمكنه من آلة الطنبور، فهو يحمل إجازة في الهندسة المعمارية، وهو الآن مدرّس للخط العربي في كلية الفنون الجميلة بحلب. أما ابراهيم كدر فهو خريج المعهد العالي للموسيقا بدمشق، وله صولات مع الناي. إذ شارك في مهرجانات عالمية وعزف مع الفرقتين السيمفونية الوطنية العربية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية