جاءت كلمات السيد الرئيس بشار الأسد في معرض حديثه لأعضاء المؤتمر الرابع لاتحاد الصحفيين قبل أن تتكالب الدول وتشن حربها على سورية الحضارة والتاريخ والثقافة والهوية والوحدة الوطنية، فشكلت في مضمونها ميثاق شرف للصحفيين تمثلوا قيمه وتحملوا مسؤولياتهم في الدفاع عن سورية وكرامتها، وناضلوا بالكلمة المكتوبة والصوت المرفوع لإظهار حقائق الاحداث ومايجري من فبركات إعلامية وتشويه للحقائق.
ولما لم يرق ذلك لأعدائهم كانت ارواحهم قربانا على مذبحة الوطن ودماؤهم شلالات دم تروي ترابه، تناولتهم يد الغدر في بيوتهم واماكن عملهم لتمتزج دماؤهم مع دماء شهداء الجيش العربي السوري وتتقاطر قوافل شهدائهم يحملون القلم بيد وروحهم باليد الاخرى ليرفعوا صوت الحق عاليا على عدو تخلو أجندته الا من آلات القتل والتدمير والفكر الظلامي القاتم.
عشرات الشهداء من الاعلاميين جمعهم الوطن فالتقوا بحضرة الشهادة بعد ان استهدفتهم يد الغدر الآثمة لتسكت صوت الاعلام الوطني المقاوم الحر،وليس اولهم الزميل شكري ابو البرغل لتمتد القائمة بعده لتصل الى العشرات من شهداء الكلمة والصورة فكان احسان البني، علي عباس، سليمان القطريب، محمد السعيد، يارا عيسى، والقائمة تطول, سيكون لنا معهم وقفات سريعة نستحضرهم ونجلهم ونقدس تضحياتهم ولنجدد معهم عهد الوفاء بأننا نسير على هدي خطاهم.
شكري أبو البرغل..صوت المواطن ونبضه
كان أول شهداء الاسرةالاعلامية،حيث تم اغتياله في منزله في داريا بريف دمشق عندما كان يعد رسالته الاسبوعية لإذاعة دمشق، بتاريخ 2/1 / 2012 وقد ادانت المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا جريمة قتله وقالت: «إنها تدين جريمة اغتيال ابو البرغل، مضيفة ان هذه الجريمة هي اعتداء على حرية التعبير التي هي حجر الاساس لأي مجتمع ديمقراطي واعتداء على حقوق الصحفيين في القيام بعملهم دون اي خوف على أمنهم وحياتهم».
عرف عنه دماثة الخلق والطيبة والتفاني بخدمة الناس ليوصل شكواهم الى المعنيين على مدى سنوات طويلة في قسم الرقابة الشعبية في جريدة الثورة، اضافة الى إعداده التقارير والرسائل الاذاعية المتنوعة عبر أثير اذاعة دمشق، وقد عرف عنه حسه الوطني والانساني.
علي عباس.. كلمة حرة وعزيمة لاتلين
لم يأبه للتهديدات وقد حمل رسالته بكل أمانة وكان نموذجا للاعلامي الوطني المقاوم في عمله وسلوكه واخلاقه، فجاء اغتياله في محاولة لاسكات الكلمة الحرة والحريات في سورية والقلم الذي ينطق ويدافع عن الحق.
استهدفته مجموعة ارهابية في مكان اقامته في جديدة عرطوز بريف دمشق بجريمة بشعة وقد كان يشغل رئاسة دائرة الاخبار الداخلية في الوكالة العربية السورية للانباء /سانا/.
وقد ادانت الشبكة السورية لمراقبة حقوق الانسان قيام المجموعات الارهابية المسلحة اغتيال الاعلامي علي عباس احد كوادر الوكالة معتمدة اسلوب الغدر بمباغتته في منزله واطلاق النار عليه بدم بارد.
اختار طريق الشهادة والاصرار على مواجهة الارهابيين وكشف جرائمهم وفضح مموليهم متسلحا بالكلمة الحرة الصادقة والعزيمة التي لا تلين حتى تحقيق النصر، وقد سجل منارة جديدة في سفرالشهادة، من أجل وطن يجب أن تبقى رايته خفاقة فوق رؤوس الاشهاد، وهي رسالة للعالم أجمع أن أبناء سورية متجذرون في تربها يقاتلون لأجلها حتى الرمق الاخير.
سليمان القطريب.. ومازال في القلم قطرات لم تنسكب
أحب الكتابة فقادته الى عالم الصحافة، من السلمية حيث مسقط رأسه الى دمشق، ترك في جعبته مؤلفات عديدة منه «حزن على حزن، قالت شهدا أنا، على المذبح» وله اعمال مسرحية ومقالات في العديد من الصحف والمجلات منها جريدة الثورة ومجلة الثقافة الاسبوعية وايضا الاعتدال وصوت العرب والشرق الاوسط.
ولازال في الجعبة الكثير لكن يد الاجرام طالته واستشهد برصاص المجموعات الارهابية في حي تشرين بدمشق في 12/11/2012/.
هي كوكبة من الشهداء من ابناء الوطن الذين مابخلوا بأغلى مايملكون دفاعا عن سورية في وجه الحرب التي يستهدفها ارضا وشعبا والاعلام الوطني احد اهدافه سواء عن طريق مؤسساته او كوادره لانه استطاع ان يكشف ادعاءاتهم الكاذبة ويضع العالم امام حقائق وبيانات تؤكد على بطلان افتراءاتهم ماجعلهم يستهدفون هذه الكوادر من الاعلاميين لطمس الحقيقة ولكن هيهات ان ينالوا مبتغاهم مهما كان طغيانهم فصوت الحق أقوى.
ناجي أسعد.. منبر من تشرين
كانت زاويته الاخيرة بعنوان «الايمان والاخلاص للعمل هما سر التقدم» فالايمان والاخلاص للعمل سر ناجي اسعد الذي امضى في صحيفة تشرين سنوات طويلة، محررا ورئيسا لدائرة التحقيقات وامينا للتحرير لشؤون الثقافة وايضا للشؤون المحلية والاقتصادية، وكان يعد صفحة «منبر تشرين».
هي رصاصة حاقدة اطلقتها يد عابثة غادرة اطفأت نور الحياة واوقفت عجلة الزمن ليمتزج حبر ورقه بدمه الطاهر، اغتيل وهو خارج من منزله في التضامن مسبق الصنع بدمشق خلال ذهابه الى صحيفة تشرين.
ورغم اصرار زميله عدنان حبيب ان ينام عنده،خشية تهديدات كان تعرض لها، لكنه رفض لانه لم يكن يصدق ان هناك من يمكن ان يضمر له الشر، وهو لم يؤذ احدا، ولكن قوى الشر والقناص الغادر كان له رأي آخر.
كان مثالا للحيوية والعمل الجاد، متميزا في جرأته عن طرح أفكاره وشجاعا في التصدي للأخطاء والسلبيات اينما كانت بمسؤولية ومصداقية فكان بحق جديرا بحمل اعباء المسؤولية.
فخر الدين حسن.. صوت الشباب الواعد
في عبوة ناسفة استهدفت حافلة نقل كانت تقله على طريق ادلب قضى الاعلامي فخر الدين حسن ومعه عدد من ركاب الحافلة، يحمل اجازة في الصحافة ويعمل في جريدة المسيرة التي تصدر عن اتحاد شبيبة الثورة، ومعروف ان الاعلام الشبيبي هو رديف للاعلام الوطني المقاوم والناطق بلغة الصدق.
عرف عنه دأبه على العمل واجتهاده وكأنه وهب حياته لمهنة المتاعب، كنا نراه دائم العمل مع الكادر الشاب يقف الى جانبهم ويأخذ بيدهم ويسجل قضاياهم سواء في الجامعة او على مقاعد الدراسة، فكان بالنسبة لهم مرجعية صادقة وخصوصا لما يتمتع به من دماثة في الخلق وهدوء في الطبع.
لكن نار حقدهم لاتميز بين صوت الحقيقة النقي وصوت الباطل الحاقد فكان استشهاده خسارة لصحيفته وللوسط الاعلامي بشكل عام.
باسل توفيق يوسف.. شهيد الكلمة
رغم محاولات خطفه اكثر من مرة ونجاته منها، ورغم انهم قاموا بالضغط عليه وسرقة محتويات بيته في حي التضامن بدمشق،فلم يخضع لشروطهم لكنهم استطاعوا بالمكر والخديعة ان ينصبوا له كمينا وقاموا باغتياله.
يحمل باسل يوسف اجازة في الحقوق من جامعة دمشق، وعمل في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون منذ العام 2005 معدا ومشرفا على البرامج الحقوقية والقانونية في التلفزيون العربي السوري وساهم بإعداد برامج سياسية واقتصادية.
لاشك ان هذا الاستهداف لاعلامنا السوري يجعلنا اكثر اصرارا على ممارسة دورنا ومهامنا الوطنية والاخلاقية، ودم زملائنا الاعلاميين ستكون نبراسا للقضاء على هذه المؤامرة التي تحاك ضد سورية، وسيبقى اعلامنا محافظا على هويته وانتمائه لجذوره وقضاياه العادلة.
محمد السعيد.. الصوت الاعلامي المبدع
لايزال صوته يحفر في الذاكرة تلك النبرة المميزة في تعليقاته عبر البرامج العديدة والذي استطاع ان يترك بصمة مميزة لدى المتلقي ونذكره عندما يتحدث عن سورية يقول: هنا التاريخ يتوالد دائما دون انقطاع، وهنا يستريح التاريخ ويتحدث بكل اللغات، كلهم مروا من هنا، وكلهم احبوا هذه الارض، سورية السعيدة، سورية التاريخ والمستقبل، وان مال بنا الزمن قليلا، ستبقى سورية أكبر من الكلام وأكبر من التاريخ.. سورية المكان الذي سيكتب فيه التاريخ من جديد.
عمل مذيعا في قناة الفضائية السورية ومقدما لبرنامج حديث البلد، ويعتبر اول اعلامي رسمي تم قتله في وقت طالت التهديدات بالقتل معظم الاعلاميين السوريين الذين كان لهم تقارير أو برامج حول الازمة السورية.
فقد اختطف وهو خارج من منزله في جديدة عرطوز بتاريخ 19/7/2012 وقد اصدرت جبهة النصرة بيانا قالت فيه انها قامت بتصفيته.
قدم برامج سياسية في الفضائية السورية وتعاون مع فضائيات عربية بتسجيل صوته على البرامج والافلام العلمية المدبلجة، حتى بات صوته مميزا ومعروفا على الكثير منها.
كما تجلى حضوره اللافت في تقديم النشرات الاخبارية ومحاورته للضيوف والمحللين بأسلوب تميز بمهنية وحرفية عالية، وحاز على جوائز عديدة اهمها الجائزة الذهبية لمهرجان القاهرة عن افضل تحقيق حمل عنوان «سلام من صبا بردى».
منى بكور.. صوت من حلب
استشهدت جراء التفجير الذي وقع في ساحة سعد الله الجابري في حلب أثناء تواجدها داخل الفندق السياحي، وكانت تعمل في مكتب صحيفة الثورة في حلب وتدير موقع سورية القلعة، وكان آخر مانشرته على صفحتها «الفيس بوك» صورةالاضرار التي لحقت بمبنى القصر البلدي في حلب بعد استهدافه من قبل مايطلق عليه الجيش الحر.
تحمل بكور اجازة في الادب العربي،أبرزت من خلال اخبارها ومقالاتها آثار مدينة حلب ومواقعها السياحية، وكان آخر نشاطاتها نقل ماأصاب مبنى القصر البلدي من أضرارنتيجة استهدافه العصابات الارهابية.
يارا عباس.. شهيدة الحرية
كانت قصة نجاح في المثابرة والوطنية ونكران الذات، سعت دائما الى الشهادة وتمنتها، وتحققت هذه الامنية فكانت انموذجا يحتذى لبنات جيلها في التضحية والجدية والالتزام.
فهي بشهادتها تنتصر لسوريتها بدمها وروحها وبعملها ووفائها واخلاصها،ورغم صغر سنها فهي من مواليد 1988 انجزت العديد من التقارير التلفزيونية المصورة حول بطولات الجيش العربي السوري من التصدي للارهاب والارهابيين.
وقد رافقت القوات المسلحة خلال مطاردتها للرهابيين والمرتزقة، وجاءت تقاريرها تعكس حكاية الوطن والدفاع عنه والتصدي للارهاب الدولي.
استشهدت يارا عباس خلال ادائها واجبها الوطني حين كانت ترافق وحدات القوات المسلحة في القصير بريف حمص 2013.
وزفت يارا عروسا لسورية لتنضم الى موكب شهداء القناة الذين سقطوا دفاعا عن الوطن ولاتزال هذه الشابة مثلا في التضحية وواحدة من منارات الشهادة التي لا تنطفىء.
محمد احسان البني.. صورة لم تكتمل
دماؤه روت ارض الوطن، دفاعا عن عزتها وقيمها وحريتها، وكان على مر السنين التي قضاها يحمل سلاحا فتاكا لكن سلاحهم غدر به ونال منه فكان شهيد الكلمة والصورة.
كان مثالا للتفاني في العمل ومتابعة مهامه طيلة عمله في صحيفة الثورة ويتمتع بالاخلاق الكريمة واستطاع ان يكسب ود اصدقائه وزملائه والعاملين في الحقل الاعلامي، وتفانى في خدمة عمله على حساب اسرته.
لكن في العام 2012 ترجل ذاك الفرس الدمشقي الاصيل بعد ان اخترق خطوط الارهابيين بقلمه وكاميرته واصر ان يفضح اعمالهم الاجرامية التي قاموا بها من قتل للمواطنين الابرياء والاطفال واعتدوا على حرمة المساجد، فلم يرق لهؤلاء الارهابيين عمله فما كان منهم الا ان اردوه قتيلا ليزف شهيدا الى جنان الخلد.
عمل مصورا صحفيا في صحيفة الثورة وقام خلال عمله بتغطية معظم الفعاليات الاقتصادية والثقافية والمهرجانات والمبادرات الرياضية.
وتركزت نشاطاته في مقاومة المؤامرة من خلال متابعة فصول المواجهات في كل انحاء سورية على شبكة التواصل الاجتماعي، اغتاله الارهابيون في طريق عودته الى منزله في داريا.
حيدر الصمودي.. الصورة التي تفضحهم
كانت الكاميرا رفيقة دربه، لانها سلاحه الامضى في كشف الحقيقة وابرازها للعالم اجمع، حمل قضية الوطن وعاهد نفسه ان يكون وفيا في عمله يقدم صورةحقيقية مهما كلف ذلك من ثمن، وفعلا كانت حياته ثمنا لوفائه، ولم تثنه التهديدات التي كان يتلقاها بين الحين والاخروهو المؤمن ان عمر الانسان بيد خالقه.
استهدفته يد الغدر والارهاب بتاريخ 21/12/2012/امام منزله في حي كفر سوسة بدمشق، يظنون ان القتل يمكن ان يزرع الخوف في قلوبهم ولايعرفون ان اجرامهم وحقدهم يكرس اصرارهم على التضحية من اجل القضاء على كل من تسول له نفسه ان يمس البلاد ومقدراتها ولحمتها الوطنية.
قام خلال عمله بتنفيذ مهمات اعلامية لمديرية الاخبار المصورة وشارك في التغطيات الاعلامية، كما ساهم في تغطية انتصارات القوات المسلحة في تصديها للارهاب.
حسام غندور.. الواجب أولاً
لم ترهبه التهديدات الثلاثة لترك عمله، بل ثابر واجتهد وتحداهم بحضوره اليومي الى عمله،ونال شرف الشهادة وهو في الطريق الى اداء واجبه المهني, فقد خرج كعادته متوجها الى عمله في جريدة الثورة فكان المسلحون له بالمرصاد، وتعرض للتعذيب الشديد وكسر اضلعه وتشويه جسده ومن ثم قتله.
كان محبا للحياة منطلقا نحو الامل والتفاؤل باستمرار، مهذبا يحب عمله وكانت سورية هدفه، وعلم بلاده لايفارقه،يحمله باستمرار كامانة بين جنبات روحه لذلك لم يأبه لكل التهديدات آمن ان الواجب مقدس تجاه الوطن وخصوصا في ظل هذه الازمة التي تعيشها بلدنا.
ولايزال في الجعبة منارات ومنارات
قوافل من الشهداء مدنيين وعسكريين اعلاميين ومن قطاعات الشعب كافة تحملوا مسؤولياتهم بكل امانة وصدق ووقفوا صفا واحدا في وجه ذاك الغزو غريب الارض واللسان،وناضلوا كل على طريقته ولكن كان للكلمة الصادقة فعل الرصاصة، ومن اجل ذلك ارادوا اخماد صوت الحقيقة لكنهم لم يستطيعوا أن ينتصروا على صوت الضمير الحي والايمان بالله والوطن، ادركوا ان مؤامراتهم باتت مفضوحة وادعاءاتهم اصبحت لاتسمن ولا تغني من جوع لان اعلامنا استطاع ان يظهر بطلانها وعدم صحتها.
ورغم ان رصاصات الغدر والارهاب لاتفرق بين صوت الحق والفكر الاجرامي، لكن ذلك لن يثني من عزيمة أصحاب الاقلام الصادقة عن مواصلة عملهم ونقل الحقيقة بكل موضوعية ومهنية.
ولا يمكن لثقافة الموت ان تنتصر على ثقافة الحياة فنحن ابناء الحياة وابناء الحضارة ومهما بلغت احقادهم ستواصل كوادرنا الاعلامية دورها في كشف زيفهم وستكون دماء الزملاء ممن طالتهم يد الغدر الآثمة نبراسا للقضاء على هذه المؤامرة وسيبقى الاعلام السوري محافظا على هويته وانتمائه الوطني ولن يستطيعوا مهما تمادوا في غيهم ان يطفئوا شعلة الحق في ضمائرنا والنصر آت آت لامحالة..