وتخيلنا قوافي الجمال تحيط بنا، وأخذنا نبحثُ أكثر فأكثر عن فحوى الجمال أو محتواه، أو ربما عن فن الجماليات بمعناها الأصح..
و ما زلنا نطرق على أبوابها؟.. نسألُ هل ما زالت موجودة.. هل ما زالت الأقلام تكتبها؟.. وهل ما زالت تُرسَم على ذات اللوحات؟
وما زلنا نؤمن بأن الجمال، وبعض أحرفه، وبعض فنونه، وبعض مُسمياته مازال موجوداً حتى الآن؟.. و هل ما زلنا نستقرىء بعضه، بعض خصائصه، وبعض النواصي الخاصة به، الخاصة بهذا الجمال وغيرها..
و بذاك العلم الجمالي المُرتبط به.. المرتبط ربما بمنحوتات الجمال العام..
منحوتات الاسم الثقافي، وتجلي اسم وفعل الجماليات به، ذاك التجلي الذي نلحظ بعضه، و نحاول أن نشرب من رحيقه، نشرب من ماء الجماليات التي نجدها بين سطرٍ وآخر، من ذاك الاستحقاق الجمالي، الذي يليق بنا معرفته، والبحث عن فلسفاته، يليق بنا البحث عن جمال معناه الأدبي واللغوي و بمعناه الذي يلامسنا أكثر، يلامس تفصيلات مازلنا على مقربة منها، مازلنا على مقربة من بعض تفصيلاته، من بعض الاهتمامات الأكيدة التي تخصُّ الجمال، وبعض عناوينه، تخصُّ الزمن الجمالي الذي نريد أن ننتمي إليه..
ولكن هل تأتي الأيام و تحقق لنا هذا التمنيّ؟
ما زلنا نتوسّم خيراً بزمنٍ آخر، يخبئ بين دفتي كتابه، عصرا من الجماليات؟
نراها أم تتراءى في الأخيلة، وفي بعض ما نرى..
أو ما نتمنى نرى جماليات، وفي الحقيقة لا نعرف صِلاتها المُثلى مع الجمال، وعلمه، و تراتبية النشوء المُهذب، الذي نتمناه أن يقبع بين حاجبي الحياة، حاجبي الزمن الجمالي، هل ما زلنا نستركن بين ثوانيه بين دقائق الشيء الواقف على ضفتيه؟
كل شيء يُختصر، ويظهر في بهاء الظهور الأنيق، عندما نرى مفاهيم الجمال الحقيقي، نحاول البحث عن بوصلات الالتقاء به، و همزات التواصل معه..
عندها فقط يُختصر الجمال، و علمه، وتُختصر طرائق البحث عنه، والوصول إليه، الوصول إلى بعض ما يُشكله إذ ما امتثل و كأنه الشيء الموجود، الشيء الموجود إذ ما تأصلت به مفاهيم الجمال، مفاهيم تحمل علامات الأفق أو الصوت الترميزي..
و هذا ما نحاول البحث عنه، في زمنٍ يقال: قُتلت فيه الجماليات، و بعض سُنبلات قمحها، أو بعض مرادفاتها الكلامية، أو اللغوية التي تمتد بطبيعة الحال، إلى زمنٍ، سياجه القمري أو الجمالي يحاط به، ويطور منطق الأقاويل الناطقة بجمالٍ ما..
جمالٍ قد نحتاجه في حلكة الزمن الذي نعيش، هنا، وهناك، نعيش على هامش ما كنا نتمناه، نتخيل عناوينه، وبعض الرؤى التابعة لها، نتخيل جمالٍ ما يرسم لنا طريقاً آخر، يزدهي به فن الجماليات، فتدخل حروفها، معاجم مختلفة، لا يُمكن إلاّ أن يكون ذلك الدخول، قمري الولوج إلى أعماق ما نحتاجه اليوم.
في أعماق ما نبحثُ عنه، و نتمنى نحن من يساهم في إيجاد مدارات الجمال الخلاق الذي نحتاجه في كل ِ حينٍ و زمان، نحتاج مشكاة من الجمال و عصرٍ آخر من فن الجماليات.