مسرح.. عرض (الآن والأمس).. المســــــرح عندمــــــا يكـــــــــــون فضـــــــــاء للبـــــوح..
ثقافة الخميس 30-11-2017 آنا عزيز الخضر بوح أثقلت كلماته الأوجاع، ورثاء بحجم الكون ملك الفضاءات كلها، أحزان لاحقت أدق تفاصيل الحياة، فاستوطنت الذاكرة، وسكنت العقول والأرواح، فلازمت الحاضر، مثلما رافقت الماضي.. إنه مشهد حياتي دقيق يوازي واقعنا السوري،
وينقل تبعات حرب بشعة عاشها الجميع.. حيث عكسها بشفافية مذهلة ودقة نادرة العرض (الآن والأمس) إخراج: الفنانة (مريم علي) العرض الذي أوجز آلام إنسانية كثيرة، في الحياة، في الطموحات، في العمل، في الإبداع والعلاقات بين الناس، في الآمال التي تجسدت على شكل أوهام في ضوء ما يحدث، وإن أقيمت المصالحة مع الذات فهي زائفة، تقوم على الوهم وتجاهل الألم رغم هوله...
فالممثلة ندى التي تجسدها الفنانة مريم علي، فقدت الثقة بكل شيء، فقدت الثقة بنفسها، فقدت الثقة بعملها وإبداعها، وهي تتعرض لما تعرضت له من خوف وقلق وعدم الإحساس بالأمان، وهي التي عاشت التفجيرات والقذائف التي حصدت الأرواح، ورأت الأحداث الدموية، والدمار والهجرة وغيره.. أسوة بغيرها من السوريين مضافا إليه الكثير من همومها الشخصية كما الإبداعية كممثلة... أيضا مثلها مثل صديقتها الموظفة عواطف التي تقوم بدورها الفنانة (أمل سعد الدين)، والتي حملت جانبا آخر جديدا يوازي حياة رفيقة عمرها (ندى)، فروت الكثير من معاناتها النفسية وأوجاعها ودمار روحها، الذي تسلل إليها شيئا فشيئا بسبب انكساراتها الشخصية من جهة واحباطات الأخريين وأوجاعهم من جهة أخرى، وكيف أصبح الخوف رفيقها الدائم في كل خطوة من خطوات حياتها، فتصبح قصائدها شكلا من أشكال ذاك الانكسار النفسي، فلم تعد أشعارها إبداعا بقدر ما هو انعكاس للإحباط الذي تعيشه بأشكاله العديدة، وتتحول قصائدها لتكون الوجه الآخر لتخبطها ودمار روحها...
العرض (الآن والأمس) لم يقف عند سلبيات عاشتها تلك الشخصيات بفعل الأزمة، بل كان هناك سلبيات أخرى، أضافت الأزمة إليها الكثير، مثلما اتضح عبر العديد من المنولوجات والحوارات، حيث تجلى عبرها أوجاع الإبداع أيضا وانكسارات إنسانية مختلفة... لتتداخل مع بعضها البعض، سلبيات وأوجاع ومعاناة حضرت من الماضي وأخرى تجلت متزامنة مع الحاضر.. كانت جمعيها الشكل الآخر للمعاناة التي بدأت ولم تنته، موزعة في كل المساحات والمجالات، وفي كل أوجه الحياة.
|