أما حضارة القرن الحادي والعشرين, فتسمى الموجة الثالثة: إنها حضارة ثورة تقنيات الاتصال وثورة المعلومات وثورة البيولوجيا.
منذ القديم لم يستسلم الإنسان لما وجد نفسه عليه من قدرة أو قوة, ففي هذا الكون الهائل حوله ثمة ما يجب التحكم به والسيطرة عليه واكتشافه ومعرفة أين نقف من كل هذا. هكذا اخترع نيتشه الإنسان الأرقى, وصولاً إلى الرجل العنكبوت, وآرسين لوبين, وطرزان، وجيمس بوند إلى السّوبرمان.
ومع ما تشهده بداية القرن الحادي والعشرين من تقنيات فائقة في المعلومات والاتصالات والبيولوجيا والهندسة الوراثية والخلايا الجذعية, زادت قدرة الإنسان في الكشف والسيطرة على ما حوله, ولعله سيخترع يوماً جنساً وسيطاً بين الإنسان والروبوت, وهو ما يشكّل تحدياً غير مسبوق للإنسان نفسه وما يشكّل تالياً مصدر خوفٍ من قادم تتحكم به قوى فوق إنسانية وتُخضع الإنسان لسيطرتها, أو لعلها تزيحه عن عرشه وتستلم مقاليد الكون.. من يدري؟!
يقودنا هذا إلى حركة «الترانزيمانيزم» التي تعتبر»حركة فكرية وثقافية» (تدعو إلى إدماج العلوم والتقنيات لتحسين القدرات الجسدية والذهنية للكائن البشري).
ستتيح «الترانزيمانيزم» إمكانات لا محدودة, يتمكن بها الإنسان من تجاوز نقصه وعجزه, وذلك عبر (تقوية وتدعيم كفاءاته الفكرية, والفيزيولوجية، والنفسية), وقد سُمّيت هذه الحركة بمرحلة «الإنسان المُستَزاد» أو «ما بعد الإنسان»!
ثمة احتمال أن يدخل الإنسان في عطالة كلية بحلول عام 2045 كان هو السبب بها على كل حال! فهل سيكون خيال الإنسان لعنة عليه تنسف سلطته الوحيدة على الكون؟!
في تقرير أعدته شركة «كاسبرسكي لاب» المتخصصة في العلوم المتقدمة، توقع أنه (في عام 2045 سوف يحل الإنسان الآلي محل الإنسان العادي، كما ستتحول المنازل إلى ذكية ومؤتمتة بالكامل، وتصبح الطابعات وسيلة لإنتاج كل المواد، فيما ستنقرض أجهزة الكمبيوتر بحلول ذلك العام).
في ظل انتشار الإنسان الآلي, وزراعة الأنسجة باستخدام الأعضاء الاصطناعية (إنسان السايبورغ) والتحكم بها الكترونياً, وفي ظل دخول روبوتات النانو إلى أعماق جسم الإنسان لتقوم بإيصال الأدوية إلى الخلايا المريضة، أو لإجراء العمليات الجراحية, أي حدود تبقى بين الإنسان والكائن الآلي القادم؟!
هل سنكون آخر أجيال الإنسان العادي؟!
suzan_ib@yahoo.com