الوفد السوري يغادر دمشق مرتاح الضمير. مفعما بعز النصر الذي كللته زيارة السيد الرئيس لسوتشي لتضفي على جمالها هيبة التقاء المنتصرين، من لا يساومون على صداقتهم، يداً بيد لإنجاز نصر يتوالى على الأرض في استعادة سيادتها..
دم سرى في شرايين الوطن، نجيعه ممن آمنوا أن باب الحرية الحمراء تدقه أيدي الحلفاء مع الجيش العربي السوري؛ وأبناء الوطن والأصدقاء؛ المضرجة بطهرهم وقدسيتهم.. من آمنوا بالصداقة نهجاً والأُخوَّة رفعة والدفاع عن السيادة نخوة وبطولة..
تراب تعطر بفيض الشهداء يغادره وفدنا، متأملاً بأجواء حوار غير ملوث بأوشاب عقول توارت خلف ضباب تغلغل بين السراب؛ الذي مازال المُحَمَّلون بحقد مشغليهم يظنونه ماءً قراح.. سيأتيهم بأكوابٍ من فضة على أطباق من ذهب. وَهْمٌ.. وأمل..
أما كفى خفافيش الظلام(رغد)العيش في العتمة، والترويج لتضخيم السلبيات، في زواريب الحقد والكراهية. تاركين دروب المحبة التي ملأتها حجارة حطام المنازل على أهلها بفضل طائرات التحالف الذي ينقدهم الدولارات المغمسة بدماء الأبرياء.
هل ستحمل نفوس من جُمِعوا على أنهم وفد واحد، الغرور الأجوف الذي رافقهم في جولات سابقة؛ ما كانت لتجدي مع نفوس مريضة بأوهام الفوقية.وأفكار ملقَّنَة تتردد على ألسنتهم في ببغائية اليائس المشغل..الملغم بصدأ حماقات عقول قاحلة جدباء.
هل سيحيدون عن خطوط الهيمنة المرسومة لهم، ليستعيدوا ماء الحياة من وطن منتصر، بعيداً عن صمت الخيانة، وهجمات القبح التي كانت تسير بأرجل أولئك الخارجين من غياهب التاريخ، مزروعة بالشوك مدججة بالألغام بحثاً عن مجهول؟؟
هل سنسمع أنفاس الفجر من رئات يمكنها تنفس هواء سوتشي النقي، بدل خسران التآخي.. لتعلن ولادة الحياة في نفوس غرقت في رحم الموت ومازالت تمشي على الأرض. أفسدت حماقاتها كل بساتين القرنفل في بلد الأمان لتنشر الطحالب والغثيان
هل سيطير ذباب الحقد في أروقة سوتشي ليلوث أجواءها النقية الخلابة، أم سيضفي اختيار القيصر لأجمل الأمكنة على الشاطئ الأسود،أجواءً تعيد ابتسامات سرقت في زمن العذابات والآلام، وتنقي الفكر المتحجر الذي اعتلى أصحابه عرش الكراهية.
كأنهم ليسوا من وطن يعدو تاريخه فوق ذرا الجبال، يتظلل في زمن ما قبل الأزمة بخيمة الحب التي تغطي سماءه حتى قبل التاريخ نفسه.تعانق أشعة الأمان فيه الغيوم وتفاصيل الكون. يتمرجح عطر قرنفله بين أهداب عاشقيه. حيث لا مكان للطحالب.
هل ستنتصر إرادة الحياة والمحبة؛ التي تسعى إليها القيادة السورية بتسامحها.. والشعب الذي ضحى بأغلى ما يملك. شباباً قُطفت حياتهم قبل تفتح أزاهيرها. ثمن باهظٌ غالٍ،لأجل الوطن الأغلى.كُتِبَتْ أبجديته بدمائهم..رتلت بساتينه طقوس نصره.
الأزمة كانت طعنة نجلاء في ظهر الوطن.والألم أنها بدأت بيد أبنائه المغرر بهم.من لم يعوا فداحة المؤامرة التي سخرتهم نصالاً تطعنه.. صاروا بعدها تُبَّعاً لغرباء من الغربان والجراد.. مرهونين للقتل بصمت أبكم.. لتخريب الحياة وإفساد الدين واللغة.
هل ستكون سهام سوتشي من جعبة ينابيع الثلوج النقية، وتكون صلبة في وجه أعداء الوطن، يصوبها الجميع لإبعاد شبح الإرهاب، الذي أصاب الوطن. فتقتل الكآبة والحزن الذي مسحته أيدي حماة الديار؛عن وجوهٍ أضناها الحصار والجوع والبرد.
هل ستنتصر لغة الحوار لمصلحة الحياة والمحبة؛ والمثل النبيلة في صحوةٍ، تكتبها الأجيال للبشرية. أم ستنتهي باحتماء القادمين من بلادِ جور الحكام على أبنائهم وشعوبهم، بأفكار بائدة، حركت الإرهاب المسخ ليكون آلة تخريب وطنهم بِعِلْمِهِمْ.
هل سيبقى أولئك في قمقم الأحقاد.. أم سيتحررون من نير المشغلين، ليجدوا ما يقولون لأبنائهم بدل أن يلازمهم رِسِّ الخيانة. فلم يبق من العمر بعد انتصار الوطن ما يجعلهم يفرغون صديد كوابيسهم من بين شقوق باب الزمن.في فيافي التحجر..
هل ستسود أروقة سوتشي أجواء حزب حب الوطن، ونكران الذات لأجله. بدل أحزاب طاردة له، ربت في تربة غير تربته، تستدعي وتجتر الشر له والأحزان.هل ستغرد طيور عشقه أم طيور الغباء المستحكم بعقول حفنة ظنت وهماً أنها الكثرة.
هل ستطرد حوارات سوتشي مع الوجوه المختارة من خارج حدود الوطن؛الحزن الذي سكن المآقي سبعاً عجاف لكل من غادره مكرهاً،أو بقي على تربه مدافعاً فاقداً. هل يعي القادمون أن إعادة إنتاج الحب أسهل من صنع الكراهية.وعصيان الإنسانية.
ترانا نعيد زرع القرنفل في نفوسنا بعد سوتشي أم ستطفو الطحالب إلى زمن آخر..