إذ كل شيء ينتفخ ويستطيل ويتضخم على أرض الواقع فيما جيوب الناس تضيق مساحة وقدرة وطاقة صبر ..فإذا كانت شريحة ذوي الدخل المحدود بمختلف مستوياتهم الوظيفية بالكاد يسيرون أمورهم بثقل مادي يصل في نهايته حد القطارة ولربع الشهر ..فما بال حال ومصير عدد كبير من الناس من غير الموظفين ممن كانوا يعملون بأعمال حرة أو في ورش صغيرة او في البيت تلبية لطلبات بعض المهن فيما يسمى مساحات اقتصاد الظل أو غير المنظم .
حيث هجر الكثير من هؤلاء عملهم وشردوا من أماكنهم وخسروا مكاسب رزقهم .لتتضاعف المأساة باتجاهات مختلفة فإذا كان الموظف بالكاد لا يكفي راتبه أجرة غرفة او مسكن متواضع و تنقصه الكثير من الشروط الصحية و هؤلاء يعيشون بالتقسيط مع راتب ثابت ، فكيف يكون واقع حال من لا دخل له ولا ثبات في الحصول على المادة “المال”جراء العمل الموسمي أو الإعانات أو ما تيسر من هنا وهناك،من أصحاب أصدقاء،أو من أهل الخير.
وبالتالي ما تيسر في الجيبة لسد الرمق من ميزانية ،هو السعر المناسب لحالة الفقر وقلة الحيلة..هذا المظهر العام للوضع الاقتصادي لم يعد يحرج حال غالبية العائلات والأسر السورية طالما خط الفقر الاستوائي قد لفح الجميع بلهيبه نتيجة ظروف قاهرة وحرب ظالمة وطمع اللصوص وجشع التجار وتراجع حواضن صلة الرحم حتى على مستوى الاسرة الواحدة ،والنطاق الاجتماعي الضيق ،نتيجة ضيق الحال بالمكان والنفوس.
أصبحنا نشهد شراء الناس بالقطعة من الفواكه والخضار أو ما يكفي الطبخة لوجبة واحدة بدلا من حالة التخمة في الشراء التي كانت سائدة أيام الرخاء وبأسعار ساوت بين الأمير والفقير إلا بفوارق الكماليات .فلا تستحي أيها المواطن في رحلة البحث عما يناسب ما في جيبك من نقود وإن كانت رحلة شاقة بكل المقاييس ومؤلمة نفسيا واجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا .