العواصم الأوروبية أيضاً تشكل جزءاً من القلق على تدهور الحالة في الأراضي الفلسطينية, كوندا ليزا رايس وتسيبي ليفني تعربان عن أسفهما لسيطرة حماس على غزة.
يا للوقاحة أن نبكي على مصير أشخاص وننوح على أزمة جديدة تغرق الأراضي الفلسطينية في الدم والنار دون أن نفعل شيئاً جدياً ودون أي مسعى حقيقي لمشروع سلام يعيد الحياة الكريمة لأربعة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة وقطاع غزة.
إن مسؤولية المجتمع الدولي عما يحدث في الأراضي الفلسطينية كبيرة جداً فالمجموعة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا هم من طلب إلى الفلسطينيين الالتزام بانتخابات حقيقية بعد اعتبار واشنطن وإسرائيل أن ياسر عرفات (خارج اللعبة) وأنه لم يكن محاوراً مقبولاً حيث تم انتخاب محمود عباس ديمقراطياً عام 2005 باعتباره شخصاً معتدلاً, لكنهم أيضاً استخفوا به ولم يسمحوا له بالتقدم ولو خطوة على طريق السلام, ثم جاءت الانتخابات الحرة والديمقراطية بحماس إلى السلطة في كانون الثاني ,2006 انتخابات نالت تقدير العالم بأسره لشفافيتها وديمقراطيتها لكن سرعان مارفضت نتائجها بسبب فوز حماس فلم يكن هناك أي احترام لإرادة الشعب الفلسطيني بل فرضت عليه عقوبات فورية في نيسان 2006 أدت فيما بعد إلى ا ختناقه, وبدأت الرباعية بتحريض من الولايات المتحدة مطالبة الحكومة الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقات السابقة دون أن يكون ذلك ملزماً للسلطات الإسرائيلية بشيء.
إسرائيل التي تحتل الضفة الغربية منذ أربعين عاماً وتخضع هذه الأراضي منذ انسحابها من قطاع غزة عام 2005 إلى حصار يستحق استنكار العالم وتنديده أخفقت جميع الضغوطات على حكومتها لتعيد للفلسطينيين حصيلة الضرائب والرسوم الجمركية المحتجزة بطريقة غير شرعية وضاعت الجهود في الرمال كما اصطدمت الجولات المكوكية للأوروبيين بتشدد الحكومة الإسرائيلية, ولم تثمر لقاءات محمود عباس وإيهود أولمرت ولم يتقدموا خطوة واحدة في مشروع السلام, وقد ألغى محمود عباس آخرلقاء كان مقرراً مع أولمرت في التاسع من حزيران لأنه لم يستطع الحصول على أي وعد بإعادة جزء من أموال تحتجزها إسرائيل تبلغ 600 مليون دولار وخلال شهور عديدة لم يكن هناك إلا وعود غامضة من المجموعة الدولية وحدها النرويج تفردت بإعادة إعاناتها ضمن جوقة الرياء الدولي حيال الوضع الفلسطيني المزري.
إن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق إسرائيل لأن ستين عاماً من الاحتلال وخمس سنوات أخيرة تعرض فيها الشعب الفلسطيني لأبشع أنواع الاضطهاد جعلت الشباب الفلسطيني يعيد انتاج العنف الإسرائيلي الرهيب الذي يعاني منه.
هناك أيضاً مسؤولية الأوروبيين والدول العربية الذين ساندوا تشكيل حكومة وحدة وطنية لكنها ما إن تشكلت حتى رفضوا إقامة علاقات معها, هذه الأسباب مجتمعة تفسر مايحدث اليوم وماتقوم به حماس لحل المشكلة, والوقت لم يعد مناسباً للتشدق بعبارات الدعم لطرف على حساب طرف آخر, فالوضع في أراضي الضفة وغزة أشبه ببرميل من البارود.
واليوم حيث الاحتلال مستمر والمستوطنات تتسع, من الخداع والوهم أن نتحدث عن إقامة دولة فلسطينية لأنه مامن سيادة لدولة في ظل احتلال كهذا.
مايحدث الآن هو نتيجة سنوات طويلة من الاحتلال كما أنه نتيجة لصمت وغياب المجتمع الدولي الذي سكت على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ولم يساعد الشعب الفلسطيني على إقامة دولته بل انقلب على قيم الديمقراطية.
الولايات المتحدة وإسرائيل هما المسؤولتان عن هذه المأساة الفلسطينية.