اكتمل عقد خمس وأربعين سنة منذ توفّى خوليو كورتاثار، الذي اعتمد التريث في نشر مخلّفات ادبية محتملة بعد رحيله، الى حين التأكد من المستحق واللامستحق. كانت اغماضة عينيه الاخيرة في سن السبعين في شباط 1984. غير انه كان يقفل على كلمات كثيرة، في درج في منزل غرونيل في فرنسا،
غزاه في يوم من أيام 2006 الكاتب والناقد كارليس الفاريث غاريغا والى جانبه ارملة كورتاثار، اورورا برنانديث. في عمق هذا الصندوق الخشبي رقد كنز ادبي اصدرته دار «الفاغوارا» عام 2009. حمل المجلد عنوان «أوراق غير مرتقبة»، ويمكن إدراجه ضمن ما سمّاه ابن الأوروغواي كورتاثار «الكتاب - الروزنامة» الذي يوصل في المحصلة الى كورتاثار التام.
«رسائل صموئيل بيكيت، المجلد الأول: 1929-1940»
صموئيل بيكيت كاتب راء في المعنى الذي راق لبروتون. هو رجل باغتنا من خلال «رسائل صموئيل بيكيت، المجلد الأول: 1929 - 1940» ليقول ما تقشف عنه في العلن. خلال ستين عاما من مسار كتابي، وقّع بيكيت رسائل ترنو الى خمس عشرة الفا بعث بها بين عامي 1929 و1989 تاريخ وفاته. من ضمن رتل النصوص هذه التي مكث بعضها في ارشيف عام وبعضها الآخر في مجموعات خاصة، ترمي منشورات «اوكسفورد وينيفرستي بريس» الى اصدار ألفين وخمسمئة رسالة، توزعها في مجلدات أربعة، بات اولها في متناولنا. في حوالي ثمانمئة صفحة، يأتينا بيكيت ايجابيا ومتعاليا على التكريس والفشل الجماهيريين في حدث استحق في عام 2009 الترقّب الممزوج بالتحرق.
«رحلة التخييل: عالم خوان كارلوس اونيتي» و»قصص اونيتي القصيرة الكاملة»
رسمت الاقاويل الشعبية حول خوان كارلوس اونيتي صورة رجل الطبع المنكمش والفظّ والسوداوي. عاد اسم صاحب «الحياة الوجيزة» وسواها ليتكرّر عام 2009 من طريق كتابين لدى «دار الفاغورا» الاسبانية، كتاب له وكتاب ثانٍ عنه. هناك بحث «رحلة التخييل: عالم خوان كارلوس اونيتي»، للكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا حيث يطوّب اونيتي كاتب التخييل العظيم في القشتالية في القرن العشرين. الى جانبه، كتاب آخر «قصص اونيتي القصيرة الكاملة» قدّم له انطونيو مونيوث مولينا، يكوّن فرصة من صنف نادر للتجول في فانتازيا شخوص كلاسيكية من بين الأشد قلقا وإلماحا.
«القلب الهائم»
تمثل نيليدا بينيون احدى المرجعيات المطلقة في الآداب البرازيلية. تعلي الكاتبة الحكمة والامثلة من طريق «القلب الهائم»، لتتبدى حياتها رحلة سرمدية، لكأنها في اوديسا لا تهمد. «القلب الهائم» (2009) كتاب مذكرات حيث تنبثق الحلقات المعيشة على نسق تدفق الفيض العاطفي، من دون ان تلتفت الى ما درجنا على تسميته «الحوادث»، وذلك في غنائية وفكاهة وخيال يعود ادراجه الى تخوم الرمزية.
«عام الفيضان»
عندما تغادر مارغريت اتوود كندا، فإنها تفعل ذلك من طريق البحر. في حين أنها تجعل المياه التي تؤاخيها، خشية الاسوأ، مرتعاً للشرور في روايتها «عام الفيضان» (بلومسبري) (2009) وإن على نحو خادع، اي في العنوان فحسب. الإيغال في الرواية، يضعنا في لحظة حيث تأتي العلوم بنتائج كارثية على المستوى البيئي، لتوجّه اتوود نداء الى مناصري «الكوكب الأخضر» علّهم يتحرّكون. الكتاب فصل أخير في مناخ أدبي واحد، انسكب على مرّ نحو خمسة عقود من الشعر والتخييل ليفوز بالجوائز بين اسبانيا وكندا وسواهما، وينال نصيبه من الاهتمام النقديّ ايضا.
«المدوّنة»
خط اليد ثابت على نحو يستلهم العجب. ذلك ان الكاتب الذي يدوّن ها هنا، في الصفحة الرابعة، قد تجاوز منتصف الثمانينات. يسجل البرتغالي جوزيه ساراماغو في حروف منخفضة الارتفاع تكاد تكون مسطحة، قولا افتتاحيا يفيد ان «المدوّنة تنير طريق الكاتب» ويزيد: «هنا تكمن فضيلتها». انها النظرية التي يريدها الكاتب مسلّمة لمؤلفه الذي نشرت دار «الفاغوارا» ترجمته الاسبانية وحمل عنوان «المدوّنة». اتت تلك الصرخة البدئية بما يستفز المناقشة نظريا، بيد انها امتزجت في المحصلة بنمط الخلاصات والتبريرات والمحاججات ايضا.
«الرذيلة المتأصلة»
لا يفرط الكاتب الأميركي بينتشون في النشر. كتاب كل عقد وليس اكثر. يهوى بينتشون التواري المتكرر في حركة تكاد تأتي بنتيجة مماثلة للحضور المتكرر. منحنا بينتشون في عام 2009 «الرذيلة المتأصلة» في ما يشبه فعل العناد او الانحراف او التطور العقلاني. الزمن هو نهاية الستينات من القرن الماضي، اما المكان فكاليفورنيا. تظهّر «الرذيلة المتأصلة» شخوص القرن العشرين، حيث نجد تكريما وافرا للروايات البوليسية المتصلبة سردياً.
«جوائزي»
كان النمساوي توماس برنهارد أحد أبرز منسيي الحياة في هيئتها العادية التي آثر عليها الانتشاء بالصخب. نقل أدبه الى نحو ثلاثين لغة، ولا يزال يستوطن معظم خشبات المسرح العالمية. غير أن حدث 2009 كان صدور كتاب غير منشور له بالألمانية لدى دار «سوركامب» لمناسبة مرور عشرين عاما على وفاته، أنهاه في مطلع الثمانينات من القرن المنصرم. كتاب «جوائزي»، مئة وأربعون صفحة تضم تسعة نصوص وملحقا وتتسم بالشخصانية في قسطها الأكبر. في المجموعة يستبقي الكاتب حكايات تتمحور على تلقيه تسع جوائز أدبية بين عامي 1964 و1970 وترتبط في سوادها الاعظم بالاحتفالية الظاهرية والباطنية التي رافقت هذه الامتيازات.
«كاميلو خوسيه ثيلا/ مراسلات مع المنفى»
كانت المواظبة احدى فضائل كاميلو خوسيه ثيلا الاكثر نتوءا. بفعل المثابرة، نال هذا الاسباني جائزة نوبل للآداب. بمنّة من مجلة «أوراق سون ارمادانس» أسس ثيلا لمصالحة، وفتح ممرا بين اسبانيا المنتصرة واسبانيا المهزومة. من طريق مجلد «كاميلو خوسيه ثيلا / مراسلات مع المنفى» («ديستينو» 2009)، سوّق الكاتب لشهادة في شأن نشاطه الفكري وروابطه مع النصف المقابل من الثقافة الاسبانية. في المجلد الوافر الذي يحوي 839 رسالة غير منشورة، تتبعثر بين عامي 1935 و1977، يحوك ثيلا دنوّه من ثلاثة عشر صوتا ادبيا من معاصريه ممن ألقتهم الفرنكوية في طفرة المنافي في اعقاب الحرب الاهلية.