فقرر تقسيم الزمن إلى سنين وأشهر وأسابيع وأيام، وعندما تقدمت البشرية بدأت تحسبه بالدقائق والثواني.
لا يعرف بشكل قاطع أول أمة قسمت الزمن فكل أمة تنسب لنفسها السبق إلى هذا الجهد الإنساني العظيم، ففي الشرق والغرب تقاويم عديدة، ففي أقصى الشرق التقويم الياباني والتقويم الصيني وفي بلاد الشام والرافدين التقويم الكلداني السرياني، وفي مصر التقويم القبطي وفي المغرب العربي التقويم الأمازيغي، إلا أن التقويم المعترف به رسميا في كل بلاد العالم هو التقويم الغريغوري المستند إلى التاريخ الميلادي وهو أحدث التقاويم، وينتشر إلى جانبه التقويم الهجري في الأقطار الإسلامية ويعمل به في المناسبات الدينية.
من باب التذكير نشير إلى أن البشر كانوا يؤرخون بالأحداث العظيمة وأقدم تاريخ معتمد عند المؤرخين هو التاريخ الروماني الذي يبدأ ببناء روما،ولذلك عندما يقال عن تاريخ ما قبل الميلاد فإنه يحتسب على أساس التاريخ الروماني القديم.
ولكن الدقة كاملة في التاريخ تحتسب وفق التقويم الميلادي حسب التعديل الغريغوري، حيث كان الأباطرة الرومان يزيدون وينقصون في الأشهر حسب أهوائهم ومصالحهم،وكانت السنة الرومانية عشرة أشهر ثم جاء أباطرة زادوا عليها حتى أصبحت 12 شهرا.
فالسنة التي يستند إليها التقويم العالمي الآن هي المدة التي تستغرقها الأرض في حركتها حول الشمس، وكانت السنة في التقويم اليولياني (نسبة على يوليوس قيصر) تحسب على أنها 365 يوماً وربع اليوم، وعندما لاحظ يوليوس اختلاف هذا التقويم عن التقويم المصري أصدر أمره في عام 45 ق م بناء على حسابات العالم الفلكي سوسيجينس بأن يجعل يوم 25 مارس آذار أول الاعتدال الربيعي معتمدا في حسابه على دورة الأرض حول الشمس، وأطلق يوليوس اسمه على الشهر السابع، ولما تولى الإمبراطور أغسطس الحكم استبدل أسم الشهر الثامن الذي يلي يوليو باسم أغسطس تخليدا لذكراه، وجعل عدد أيامه 31 يوماً، وظل استعمال هذا التقويم سارياً حتى قام البابا غريغوريوس الثالث عشر بتصحيحه بعد أن لاحظ وجود خطأ في وقت الأعياد الثابتة وهو ما عرف بالتعديل الغريغوري.
فقد لاحظ أن اختلاف موعد الأعياد ناتج من استخدام التقويم اليولياني عما كان في أيام مجمع نيقية الذي أساسه التقويم الميلادي قدره عشرة أيام، لأن الاعتدال الربيعي بعد أن كان 21 آذار في أيام مجمع نيقية سنة 325 م أصبح يقع في يوم 11 مارس في عهده.
فلجأ البابا إلى علماء اللاهوت ليعرف السبب فأقروا أنه ليس لديهم سبب لاهوتي أو كنسي لأن الأمر يرجع إلى الفلك، فرجع لعلماء الفلك ولاسيما ليليوس وكلفيوس فعللوا بأن السبب مرجعه إلى أن الأرض تستغرق في دورتها حول الشمس دورة واحدة مايساوي 365 يوماً و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، بينما كان يحسب في التقويم اليولياني 365 يوماً وربع (6 ساعات فقط) فقط، أي بفرق يساوي 11 دقيقة و14 ثانية، ويتجمع هذا الفرق مكوناً يوماً واحداً كل 128 سنة.
ولما استقر البابا غريغوريوس على معالجة هذا الخطأ قرر إجراء هذا التعديل في عام 1582، بأن نام الناس ليلة 5 تشرين الأول واستيقظوا صباح اليوم التالي على أنه 15 تشرين الأول ووضع البابا غريغوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد 25 كانون الأول فى موقعه الفلكي وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة، لأن تجميع فرق الـ11 دقيقة و14 ثانية يساوي ثلاثة أيام كل 400 سنة.
وقد عمل بهذا التقويم في إيطاليا ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل، وتلتها في القرن التاسع عشر بقية دول العالم على فترات متفاوتة.