في حين يسعى اخرون للحصول على فرص افضل للتعلم او يرغبون في مجرد تغيير الاجواء التي يعيشون فيها . وبالرغم من ذلك فمغادرة الديار والاوطان لا تعد بالنسبة للكثيرين امرا اختياريا.
واللاجئون هم الاشخاص الذين يخرجون الى قارعة الطريق رغما عن ارادتهم اذ تؤدي الصراعات وممارسات الاضطهاد الى تشريدهم من قراهم ومدنهم وتشتيت شمل اسرهم , ولذا فاللاجئون لا ينتقلون من مكان لاخر سوى لالتماس بر الامان.
واليوم , يوم اللاجئ العالمي , هو المناسبة التي نتذكر فيها اولئك العشرات من الملايين من اللاجئين وغيرهم ممن ارغموا على النزوح , والتي نتذكر فيها مايجعلهم مختلفين عن غيرهم ففي عصر تزداد فيه العولمة اتساعا, حينما يرتحل المزيد والمزيد من الاشخاص من مكان لاخر لايصبح اللاجئون متفردين عن غيرهم لانهم غرباء بعيدا عن اوطانهم ولكن ما يجعلهم متفردين هو انهم لايستطيعون العودة الى اوطانهم وديارهم وفي عالم يتضاءل وتتعاظم فيه سوق العمل العالمية , فقد اصبحت الشواهد الدالة على تكافلنا الاقتصادي نعمة بالنسبة للكثيرين, الا ان ذلك يغذي بواعث القلق ايضا, وحينما تتأجج مشاعر القلق نتيجة للاحاديث والشعارات القومية والشعوبية, يصبح من اليسير ان تتحول بواعث القلق ازاء تصاعد الهجرة والوحدة القومية الى اجواء من التعصب والنبذ, وتكون النتيجة في كثير من الاحيان هي رفض كل من هو مختلف, سواء اكان يبحث عن فرصة او ينشد الحماية.. وفي مثل هذا المناخ , يتم تشديد سياسات الهجرة والاجراءات على الحدود الى درجة تؤدي في كثير من الاحيان الى منع دخول حتى اولئك الذين في امس الحاجة الى اللجوء والحماية . وهذا امر يدعو للاسف ولايمكن تبريره وعلى الرغم من ان الامر ليس سهلا , فمازال بالامكان تحديد من هم اللاجئين من بين صفوف حركات الهجرة المختلطة. وخلال الاعوام الاخيرة , ومع اسدال الستار على عدد من الصراعات طويلة الامد, انخفض عدد اللاجئين على مستوى العالم وكذلك عدد الاشخاص الذين يطلبون اللجوء الى ادنى مستوياته منذ عقود وهذه انباء سارة ينبغي ان تساعدنا على عدم تسييس قضية حماية اللاجئين وعلى محاربة التعصب. ولكن على الرغم من ان اللاجئين قد يكونون الاكثر اجتذابا للانظار من بين الذين ارغموا قسرا على النزوح , فانهم ليسوا الضحايا الوحيدين .ففي الوقت الذي انخفض فيه عدد اللاجئين على مستوى العالم , تعيش اعداد اخرى اكبر بكثير من الفارين من الصراعات في ظروف تشبه ظروف اللاجئين في قلب بلدانهم نفسها , وهم لايودون او لا يستطيعون الحياة في منفى الاغتراب . كما انهم يستحقون الحماية الدولية , ولذلك فقد وسعت المفوضية نطاق مساعداتها اليهم.
ويوم اللاجئ العالمي هو المناسبة التي نلفت فيها الانظار الى ملايين اللاجئين وغيرهم من النازحين في شتى انحاء العالم والى احتياجاتهم الملحة , بدءا من المياه و المأوى وحتى الحماية والتسامح اننا ندعوك ان تنضم الينا في مساعينا هذه . فسواء في المخيمات البعيدة او في الاحياء القريبة , هناك دائما سبل يمكننا ان نساعدهم من خلالها وعلينا اولاً نتذكر انهم لم يتركوا ديارهم واوطانهم باختيارهم.
< أنطونيو جوتيريس
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.