ولأنها أحبت اختصاصها العلمي عرفت كيف تجعله سلما تصعده نحو النجاح, هكذا بدأت الشابة بتنفيذ بيت صغير وانتهت اليوم إلى تصاميم مشاريع ضخمة لفنادق وشركات.. تقول المهندسة سفر: بدأت العمل في مكتب هندسي صغير وفيه بدأت أكتشف ما لدي من إمكانيات, كنت أحس بأن لدي أفكارا كثيرة, لذلك رحت أتوق لفرصة أظهر فيها مقدراتي الهندسية وأجسد فيها الأفكار التي كانت تجول في خاطري, ولعل حاجتي لهذه الفرصة كانت تهدف إلى ما هو أبعد من عمل, فما من أحد كان يؤمن بقدراتي حتى أقرب الناس إلي, وطموحي بأن أعمل كان كثيرا ما يواجه باستخفاف المحيطين من البنت الصغيرة التي يفترض أن تكون مشغولة باللبس والمشاوير.
أربع سنوات خاضتها المهندسة الشابة قالت إنها شغلتها بالعمل الذي تحب وفي تحد لذاتها وللاخرين من حولها وأخيرا طرقت الفرصة باب المهندسة الشابة مها, من خلال بيت صغيرة وتتالت المشاريع, بيوت سكنية عديدة, فيلات, شركات, مطاعم, وفنادق صغيرة وها هي الشابة تستعد للعمل في مشروع حكومي وقد اعترف الجميع بقدراتها الهندسية وتميزها, إلا أن القفزة النوعية في حياة المهندسة مها سبقت هذا المشروع بكثير, حين غامرت وعملت بتعهد مشروع كامل وكبير تصميما وتنفيذا, تقول المهندسة سفر: لم أربح من هذا المشروع ولم أخسر بحساب البزنس لكنه كان نقلة نوعية في حياتي, عرفت منه كيف أتعامل مع الناس وكيف أدير شؤوني وأكثر من ذلك كان نقطة تحد ومحكاً حقيقياً لأرد به على ما سمعته من تعليقات في بداية المشروع من كوني بنتا صغيرة (مش قدها).
تجزم المهندسة مها أن الشباب في أيامنا الحالية مظلومون, ولا سيما أن فرصا محدودة متاحة أمامهم, إلا أنها ترى أن (قوة الإيمان ووضوح الهدف بالإضافة إلى الموهبة.. من شأنها أن تصنع المعجزات) لافتة إلى أنها تعبت كفاية وأرهقت وتعذبت حتى نالت ما حققته اليوم, وتضيف: كان عليّ أن أعمل دون كادر أو مساعدين فكنت أعمل كسكرتيرة ومحاسبة.. بالإضافة إلى عملي الهندسي ذلك فضلا عما عانيته من إزعاج وصعوبة في التفاهم مع ورشات البناء في البداية لكني سرعان ما أتقنت كيف أتعامل معها وكيف أديرها.
إلا أن اجتهاد المهندسة الشابة وبراعتها وعدم استسلامها لواقع قلة العمل ومحدوديته, لم يشفع لها في عالم لا يبدو أنه يكترث كثيرا لإمكانيات الشباب وقدراته, فتعرضت من قبل البعض لعمليات نصب أو تبخيس بقيمة عملها, تحت يافطة أنها (بنت صغيرة ترضى بما يدفع لها..) ولعل تجاربها مع هؤلاء تثير مخاوفها من أن المجتمع قد يقول كلمته أخيرا ويحد من عملها, مبدية عدم ثقتها (ببكرا), بوجود من يقيس قدرة الإنسان وإبداعه بالعمر وربما بكونه بنتا أو شابا..ورغم كل شيء لا تترك المهندسة مها فرصة لإثبات الذات إلا وتطرق أبوابها دون أن تنسى فرد مساحة منها لحياتها الشخصية, فهامش العمل, لا يتقاطع أبدا مع هامش شبابها إنهما عالمان متكاملان في حياتها, لكل منهما مساحته وعالمه, يتآلفان مع بعضهما بعضا ليشكلان فيما بعد حياة.