تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كتاب «النبي» من جديد

حصاد الورق
الأحد 1-4-2012
يمن سليمان عباس

بعد صدور كتاب «النبي» بسنوات كتب جبران عنه: شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي، كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه وذلك اعتراف بمكانة الكتاب الذي رغم أنه صغير الحجم آثار الكثير من الدوي وردود الأفعال له أو عليه كما يقول د. حاتم الصكر في الاتحاد الثقافي العدد /256/.

ويكفي أن يعيش خالداً في حوالي خمسين لساناً هي اللغات التي ترجم إليها، فضلاً عن أن التأليف كواقعة ثقافية تعد إحدى تجليات عبقرية جبران الذي كتب النبي بإنكليزية بهرت متكلميها كلغة أم، وجعلوا النبي جزءاً مما يدرسه طلابهم، بينما هو يأتيها غريباً مهاجراً ويتقنها ليعبر بها عما تحمل روحه الأولى المنشق عنها بوجوده في المهجر.‏

ويضيف الصكر: يمكن اعتبار كتاب «النبي» نصاً جامعاً بالمعنى الذي سيقترحه من بعد جيرار جينيت في مبحث التناص والتعالي النصي، لكنني أعد «النبي» مثالاً لما أسميه التناص النوعي أي دخول الأنواع والأشكال الفنية ذاتها في علاقة تشابك داخل النص المقترض من تلك الأنواع ما يخفي نوعه وهويته، فيكون جامعاً نصياً أو نصاً جامعاً يستثمر مزايا وخصائص أنواع متعددة.‏

هكذا كان «النبي» في أحد أوجه خطورته وأهميته تجسيداً لبرنامج جبران الكتابي وتجربته المختلفة الأنواع: شعراً أو سرداً ورسماً وتأملات وحكماً، وقد حمل الكتاب في نظام تأليفه وأسلوبه وبناء فصوله قلقاً إجرائياً حال دون تصنيفه نوعياً أو تحديد هويته، بمعنى أنه لم يكن مندرجاً بأكمله ضمن أشعار جبران النثرية أو تأملاته الفلسفية وحكمه الخالصة، وليست فصوله رغم طابعها الحواري قصصاً يسرد فيها حبكات ووقائع، فضل عند تخوم كل هذه الأنواع، لأنه رسالة محبة إلى عالم مجرح الجسد بآثار الحرب الكونية الأولى وتداعيات الفقر والحرمان التي أورثتها وفي مناسبة أخرى يصرح جبران بإحساسه بأنه كتب «النبي» منذ ألف عام معبراً بذلك تعبيراً رمزياً عن نزعته الأزلية أو الأبدية التي تحكمت فيه عند تأليفه، فاقترح لتجسيدها في تداخل نصي آخر قوامه الزمن هذه المرة، فأنجز خطاباً معاصراً لإنسان معذب بالحرية والعدل والحب والحق، لكنه يتسلم نداءات بعيدة غائرة في الزمن، يرددها مبشر تداخلت في روحه تعاليم وأخلاق ووصايا إنسانية تولفت من عديد الأديان والأفكار المتشابكة المصدر.‏

اتخذ جبران النبي قناعاً وأراده مشروع عمر متسلسل تبعه بـ حديقة النبي لكنه لم يكتمل بموته وهو عائد إلى وطنه فظل موت النبي ناقصاً لم يكتمل إلا بواقعة موت جبران نفسه عام 1931.‏

Yemenbbass@qmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية