|
تشريعات لمنع محاكمة مجرمي الحرب! شؤون سياسية هذا بالضبط ما أثبتته عملية صدور مذكرة قضائية بريطانية لاعتقال مجرمة الحرب تسيبي ليفني- وزيرة الخارجية السابقة- وإحدى (بطلات) المجازر التي اقترفها جيش الإحتلال بحق أهلنا في قطاع غزة وعلى مدى ثلاثة وعشرين يوما أسفرت عن استشهاد 1400 إنسان معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء- إلى جانب جرح نحو ستة آلاف إنسان من أهلنا في القطاع. الحقيقة التي اتضحت بعد الحدث أن ليفني ربما كانت في لندن وأنها غادرت قبيل صدور المذكرة، وإن تل أبيب استشاطت غضبا (فكان هناك إفراط غير اعتيادي) في استخدام لغة وزارة خارجية (يقودها ليبرمان) من ناحية- وسرعة عجيبة في تقديم اعتذار من لندن بهاتف من مليباند لليبرمان وأعقب ذلك تصريح من رئيس الوزراء براون يرحب فيه بزيارة تسيبي ليفني لبريطانيا في أي وقت- هناك ليس مجرد اعتذار بريطاني بل ومعه وعد بتغيير التشريعات التي تسمح بمحاكمة المجرمين (غير البريطانيين) في أراضي المملكة المتحدة- الديمقراطية- التي تقود (معارك) لضمان حقوق الإنسان لكنها- بعد هذا وذاك بريطانيا (بلفور وسايكس وبلير وإيدن) وعليه لكي يكون للندن مكان ودور في عملية ميتة اسمها عملية السلام فيجب أن تغير الحكومة البريطانية العمالية مع اقتراب المعركة الانتخابية القوانين التي من شأنها إزعاج تل أبيب ودهاقنة القتل فيها وربما التأثير السلبي لدى الناخبين البريطانيين المؤيدين للكيان الصهيوني. قبل ذلك نجح الضغط الصهيوني في تغيير القوانين ذاتها في مدريد، وجمدها في بروكسل، وربما تنتشرعدوى اتخاذ قوانين مضادة لتلك االقديمة التي سمحت بمحاكمات مجرمي الحرب لتعم كل دول الاتحاد الأوروبي. للقضية قصة تعود إلى عام 1947 حين نجح الضغط اليهودي- الصهيوني الممارس على دول أوروبا والعالم في استصدار قرارات من شأنها السماح بملاحقة ومحاكمة من يعتبرون مجرمي حرب خاصة من النازيين وهذا بالضبط ما سمح للموساد باختطاف آيخمان من الأرجنتين ومحاكمته وإعدامه عام 1961 ووفقا للقوانين ذاتها طاردت الصهيونية مؤخرا ألمانياً في التاسعة والثمانين من العمر هو جون ديمانيوك الذي قدم للمحاكمة قبل شهر فقط في ميونيخ بتهمة المساهمة في قتل آلاف اليهود حين كان حارسا لأحد سجون النازية عام 1943 والتاريخ لن ينسى محاكم نور نبورغ أيضا. لكن الصهيونية لم تكتف بهذا- بعد الحرب العالمية الثانية- فلكي تنال العطف والحظوة والتأييد بغية إنشاء دولة لها في فلسطين وعلى حساب حقوق شعب فلسطين والأمة العربية، نجحت في استصدار قرار وقوانين في أوروبا وأميركا تسمع بمحاكمة من يشتبه بكونه لاساميا فلمجرد أن يكتب أحد المفكرين أو المؤرخين أو يصرح أن عدد قتلى المحرقة من اليهود لم يكن ستة ملايين يجر من تلابيبه إلى المحاكم لقد جرت عدة محاكمات في النمسا كما أن المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنج تعرض للمحاكمة وهدد بعشر سنوات سجنا قبل أن يتدارك الأمر ويغير أقواله ولقد صدر حكم على الكاتب النمساوي غيرد هونسيك وهو في السابعة والستين من العمر لمدة 18 شهرا بتهمة إنكار المحرقة أما قصة روجيه غارودي المفكر الفرنسي الذي أشهر إسلامه وغير اسمه إلى رجا فهي معروفة للجميع بعد صدور كتابه عن الأساطير المؤسسية الصهيونية. الآن هناك مشكلة تؤرق مجرمي الحرب تتمثل بتقرير القاضي اليهودي غولدستون والمطلوب هو إبطال مفعوله نهائيا لأنه يمهد لمثول مجرمي الحرب الصهاينة ومنهم ليفني وباراك وأولمرت وأشكينازي وغيرهم أمام القضاء الدولي. الانفعال العنيف الغاضب الذي ساد تل أبيب ليس مرده احتمال إلقاء القبض على ليفني في لندن فذي مسألة يمكن تسويتها وإلغاء مفعول ما يماثلها مستقبلا بشكل تام بل إن غضب تل أبيب كان بسبب احتمال ان تطارد يد العدالة الدولية مجرمي الحرب الغارقين في بحر الدم الفلسطيني والذين يمارسون اليوم وكما فعلوا أمس جرائم بحق الإنسانية عبر خنق القطاع ومحاصرة أكثر من مليون ونصف المليون إنسان ما يعتبر جريمة إبادة جماعية- ليست بعيدة مطلقا عن الجرائم التي حاقت باليهود وبغيرهم في ظل النازية بين عامي 1939 و1945. من واجب العرب عموما التحرك لبذل الجهود المضادة ولتطويق الحركة الصهيونية قبل أن تنجح في استصدار تشريعات وقوانين تجعل القتلة يفلتون من يد العدالة والقصاص. nawfabulhija @yahoo.com
|