ولكن خاب ظنها وأخفقت استراتيجيتها، فإن الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ يتكون وترتسم ملامحه ليس بعيدا عن المكان الذي حددته الولايات المتحدة وإسرائيل وإن تغيرت الأهداف والأدوات ، فقدبدأت ملامح الشرق الأوسط الجديد ترتسم وبوضوح مع تقاطع الالتقاء السوري - التركي ودفع العلاقات بين الدولتين الجارتين إلى مراتب متقدمة .
وقد سجلت العلاقات التركية السورية تطورا ملموسا لافتا للانتباه يؤكد أن البلدين قد دخلا عهدا جديدا بالمعنى الحقيقي والواقعي ، وليس بالمعنى الافتراضي والمجازي ، يهيمن عليه الحرص المتبادل على المضي قدما على طريق تحقيق القدر المستطاع من المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وقد سار الرئيس بشار الأسد على نهج واقعي وعقلاني عندما مضى قدما وبخطى ثابتة على طريق تطوير العلاقات السورية - التركية ، وذهب بعيدا في هذا الاتجاه ، فكان من ثمار هذا التوجه الواقعي والعقلاني تطور العلاقات السورية التركية نحو التحسن التدريجي ، إلى أن أصبح اليوم من الحقائق الثابتة بل في الواقع أن العلاقات بين أنقرة ودمشق تسير في خط صاعد تتحسن باطراد وبشكل ملحوظ ولافت للانتباه .
وهكذا تكون العلاقات التركية السورية قد استقرت على قاعدة المصالح المشتركة ، بعد أن تحرر البلدان من قيود الماضي الذي لم يكن يسمح بإقامةعلاقات طبيعية سوية لا تشوبها شائبة .
وللحقيقة لولا التحسن الحثيث الذي طرأ على العلاقات السورية التركية خلال السنوات الأخيرة بفضل إصرار قيادات البلدين ، ولولا خروج دمشق من ظروف الحصار التي فرضتها عليها الإدارة الأمريكية السابقة من خلال حكمة قائد ركب مسيرتها الرئيس بشار الأسد، ولولا تحرر أنقرة من قيود كثيرة كانت تمنع من الانفتاح على العرب ، لولا ذلك كله ، لما أمكن أن تصل هذه العلاقات إلى ما وصلت إليه اليوم .
فلقد فرضت المصالح المشتركة على أنقرة ودمشق التعامل مع حقائق الواقع ومع متغيرات العصر بفكر جديد ،فواقعية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وواقعية الرئيس بشار الأسد ، هما اللتان دفعتا بالعلاقات الثنائية بين أنقرة ودمشق إلى الأمام وهو موقف جدير بأن يؤخذ به ويتبع في مناطق أخرى من العالم العربي الاسلامي حتى نستطيع كسر قيود العزلة والخضوع لإرادة (السيد) الامريكي الذي يريد أن يضع نيابة عنا خط السير الذي يجب علينا اتباعه وهو في النهاية الخط الذي ينصب مباشرة في مصلحته ولا علاقة له بمصلحة امتنا العربية بشيء.
عموما المتابع البسيط لخط السياسة ومتغيراتها بالمنطقة يجد أن سورية اليوم تسير في الخط الصحيح والهادف الى استقلالية القرار العربي ووحدة الشعوب والبلدان العربية بدءاً من تحرير الأراضي العربية ومن ثم استقرار المنطقة من حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيش فيها منذ عشرات السنين إضافة إلى الاستقلال من أساليب الهيمنة الغربية والأمريكية على مواردنا وطاقاتنا العربية.
كاتب وصحفي سوداني