تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نضــــــــال ثــــــــوري..ومآثر خالدة

مراسلون
الجمعة 17-4-2009م
منهال الشوفي

جاءت الثورة السورية الكبرى 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش لتكون التعبير الأنصع عن وحدة شعبنا ورفضه مشاريع الاستعمار التي بدأت بتجزئة سورية إلى دويلات بهدف السيطرة على مقدرات البلاد..وفي الحقيقة لم تكن الثورة ردة فعل مباشر على حادثة المجاهد أدهم خنجر المعروفة بل نتيجة لوعي قومي وطني مهدت إليه الجمعيات العربية وقادة الفكر القومي، التي وجدت في جبل العرب التربة المناسبة، إذ ليس مصادفة أن يوجه العثمانيون الحملات العسكرية المتتالية لاخماد جذوة الثورة وآخرها حملة سامي باشا الفاروقي عام 1910م والتي قادت المحتل إلى الانتقام من قادة النضال الوطني في الجبل والحكم عليهم بالإعدام ليكونوا أول موكب من مواكب الشهداء قبل شهداء السادس من أيار بسنوات وليقدموا الدليل على الوعي القومي الذي ما لبث أن وجد في الثورة العربية الكبرى عام 1916م ضآلته فاندفع ثوار جبل العرب لفتح الطريق أمام جيش الأمير فيصل إلى دمشق بعد معركة حامية مع القوة العثمانية المتمركزة في تل المانع في 30 أيلول عام 1918م تمكنوا على أثرها من احتلال دار الحكومة ورفع العلم العربي فوقها قبل وصول طلائع جيش الثورة العربية.

ويرى الباحث أبو فارس سعيد الحناوي أحد الذين وثقوا فصول تلك الملحمة الوطنية التي مهدت الطريق لنيل الحرية والاستقلال أنه كان على فرنسا أن تضرب الأماني القومية فلجأت إلى سياسة التجزئة بهدف إحكام قبضتها على البلاد وعمد الجنرال غورو إلى تقسيم سورية إلى دويلات وفي الرابع من آذار من العام 1921 تم تشكيل حكومة الجبل وكان عدد سكان الجبل آنذاك لا يتجاوز 52 ألف نسمة وقد لقي هذا القرار رفض ومعارضة معظم أبناء الجبل وفي مقدمتهم سلطان باشا الأطرش، وبتاريخ 25 حزيران من نفس العام دخلت قوات البعثة الفرنسية السويداء بموجب اتفاقية سرية وقعها بعض المقربين وعندما لاحظ الفرنسيون رفض أبناء الجبل واستنكارهم مواقف المقربين من فرنسا أخذت ثلاثون طائرة تحلق في سماء الجبل ثم قامت بإلقاء مناشير مفادها: أن حملة فرنسية ستقوم بزيارة ودية للجبل ما دعا الأمير سليم حاكم الجبل لعقد اجتماع بداره في عرى حضره جمع غفير من زعماء ووجهاء الجبل كما حضره القومندان الفرنسي ادلميوس ممثل فرنسا بالجبل وانتهى الاجتماع إلى رفع احتجاج رسمي صارخ إلى السلطة الفرنسية ولكن الشرارة الأولى اندلعت عندما اعتقل الفرنسيون الثائر أدهم خنجرالذي كان قد لجأ مع شكيب وهاب إلى منزل سلطان الأطرش في بلدة القريا على أثر ملاحقة الحملة الفرنسية له في أعقاب محاولة اغتيال غورو، حيث ألقي القبض عليه قبل وصوله إلى منزل سلطان ثم سيق إلى السويداء وعندما علم سلطان الأطرش الذي كان يقوم بزيارة صديقه المجاهد حمد البربور في بلدة أم الرمان بالحادث، حاول جاهداً إنقاذ الدخيل بالطرق الدبلوماسية وحقوق العشائر إلا أن الضابط الفرنسي ترانكا رفض كل المحاولات مهدداً متوعداً، عندها قرر سلطان ورفاقه اللجوء إلى السلاح فقطعوا طريق السويداء دمشق وكانت السلطة الفرنسية استدعت ثلاث مصفحات لنقل السجين إلى دمشق ومن هناك إلى بيروت فكمن لها الثوار وهاجموها في موقع تل الحديد وتمكنوا من تعطيل المصفحتين وقتل الضابط بوكسان إلا أن الثالثة تمكنت من الوصول إلى دمشق لتنقل أخبار الثورة، وقد وقعت هذه المعارك أيام 21-22-23/7/1922 وكان أقواها في موقع برد بعد ذلك وجهت السلطة الفرنسية حملة عسكرية بقيادة اليوتنان كولونيل هوغ الى القريا بينما قامت الطائرات بقصف وتدمير دار سلطان ما اضطره مع عائلته وبعض أنصاره إلى مغادرة الجبل في 25/7/1922 إلى الأردن واللجوء إلى أسلوب حرب العصابات وفي الخامس من شهر نيسان 1923 أصدر شيفلر عفواً عن سلطان ورفاقه بعد ذلك توفي الأمير سليم الأطرش مسموماً بدمشق فتولى كاربيه الحاكم الفرنسي للجبل الحاكمية، وقد سرعت ممارسات كاربيه وتعريضه الأهالي للسجن وأعمال السخرة والنهب وملاحقة المجاهدين في اندلاع الثورة السورية الكبرى في 24 تموز 1925..بدأت في 4 تموز على شكل مظاهرة عارمة احتجاجاً على ممارسات السلطة الفرنسية وفي 12 منه استغل المجاهد المعروف حسين مرشد رضوان المناسبة بإطلاق الرصاص على أحد المسؤولين الفرنسيين في 25 تموز تلا ذلك من استدعاء زعماء الجبل إلى دمشق وبيروت وغدرالفرنسيين بهم ونفيهم، ومن ثم توجيه حملة بقيادة الكابتن نورمان إلى القريا لإلقاء القبض على سلطان الأطرش الذي كان قد توجه إلى القرى الجنوبية في 17 تموز ومعه 15 فارساً، حيث وصلوا بكا-أم الرمان-عنز ثم المشقوق في 18 منه وفي 19 و20 منه الى إمتان وملح وعرمان، وقد استقبل سلطان ورفاقه بالأهازيج والنخوات وإطلاق الرصاص وهناك قامت طائرتان فرنسيتان بالتحليق فأسقط المجاهدون إحداها وأسروا طياريها ومن عرمان تم توجيه الرسائل إلى القرى للاجتماع على سهل العين جنوبي صلخد وفي 21 تموز أثناء سيرهم هاجم الثوار صلخد واحتلوا قلعتها وحرقوا دار البعثة ثم توجهوا لتجميع قواهم في سهل العين وبعد وصول بيرق ملح سار الفرسان والمشاة إلى موقعة الكفر ليلتحموا بالجنود في معركة دامت ساعتين تمكن الثوار بعدها من الاستيلاء على المخيم كاملاً بعد أن قتلوا اليوتنان والكابتن نورمان ولم ينج من الحملة سوى 7 ثوار أرسلوا إلى السويداء لينقلوا خبر المعركة..وقد سقط من الثوار 44 شهيداً وتعتبر معركة الكفر مثلاً حياً للإغارة الناجحة التي توفر لها التحضير الجيد والسرعة في التنفيذ وقد ساهمت في رفع معنويات الثوار وزادت عزمهم على متابعة القتال ووفرت لهم السلاح والعتاد لمتابعة المعارك.‏

وحول أصداء هذه المعارك يتابع الحناوي امتدت معارك الجبل بعد حصار قلعة السويداء إلى دمشق والغوطتين والإقليم ووداي التيم ولبنان، فنقلت الصحافة المصرية أخبار الثورة والدعوة لتقديم المساعدات المادية اللازمة لها.‏

وفي وصف هذه الملحمة الخالدة يقول الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في مذكراته حسبي أن أقول :إنني مشيت من عين المزرعة غرباً نحو ساعتين على الجثث والعتاد الملقى على الأرض انهزم ميشو بعد أن غنم منه الثوار العتاد والسلاح والمدافع الذخيرة والأسرى من جنود وضباطاً مثل اليوتنان غاسكيه مع سدنة خمس مصفحات، ثلاث منها تابعة للكوكبة الثامنة عشر ثنتان للكوكبة الثامنة والعشرين، بعد أن تركوا وراءهم أكوام الأسلحة والذخائر والمدافع والمصفحات المعطلة وآلاف القتلى، وجاء في مذكرات منير الريس (لقد كان النصر في معركة المزرعة مؤزراً وحاسماً وكافياً لطرد فرنسا من سورية لو أن الثورة كانت عامة تسود سورية كلها) نتيجة المعركة الدعوة للثورة السورية العامة بمشاركة ثوار من دمشق وحماة ومختلف المناطق.‏

وقد تتالت وتعددت معارك السويداء وفي أكثر من موقع ومنها معارك المسيفرة «اللجاة» وأطولها معركة «لاهثة» وانتقل عدد من المجاهدين من جبل العرب إلى الغوطة فخاضوا معارك العادلية والزور الأولى والثانية واختلطت دماء المجاهدين من كل مناطق سورية.‏

واستمر النضال الوطني لتحقيق الاستقلال والجلاء بأشكاله المختلفة بعد اعتراف فرنسا باستقلال سورية الناجز الذي تم في 17 نيسان عام 1946 وقد كرم القائد الخالد المجاهدين وأصدر المرسوم التشريعي الذي خصصهم وأسرهم بالراتب التقاعدي واليوم فإن النصب التذكاري لشهداء ومجاهدي الثورة السورية الذي يضم متحفاً للثورة وقائدها ومجاهديها في معقل قائدها المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش سيبقى منارة للأجيال تستمد منها معاني حب الوطن والتضحية في سبيل حريته.‏

تعليقات الزوار

رضوان |    | 31/12/2009 16:18

شكرا لك رضوان

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية