لأول منشور ثوري أصدره حزب البعث العربي الاشتراكي بتشجيع من المعلم الكبير زكي الأرسوزي الذي زفّ بشرى ولادة طالما حلموا بها، فقد كانت قصائد الشعراء بشهادة عبد الغني العطري - تتساقط على المستعمر سهاماً مسمومة وسياطاً لاهبة تفضح باطله وتستثير الرأي العام ضد من اغتصب الوطن الذي سرى في الدم وصار جزءاً من الحياة والروح وكل الوجود، فأصبحوا شركاء في النصر، إذ كانوا يتبارون في تصوير وحشية العدو وإذكاء الروح الوطنية والقومية.
ففرحة الجلاء كانت أكبر من أن تصدقها عينا الشاعر شفيق جبري، فكيف للعين أن تنكر وللأذن أن تكذب والرايات خفاقة والدنيا أغاريد، ولايمكن أن يذكر الجلاء الذي قرعت له أجراس الكنائس وعلا صوت التكبير في المساجد ابتهاجاً به إلا بذكر رائعة الشاعر عمر أبي ريشة (عروس المجد) التي قالها بمناسبة رحيل المستعمر عن أرض الوطن.
وكثيرون يتجاهلون الكاتب والصحفي عباس الحامض الذي كان واحداً من المناضلين حتى تحقق الجلاء.
ثلاثة وستون عاماً والشام لاتزال تجدد أفراحها وتقيم أعراس النصر في شهر نيسان، لكن تبقى في القلب غصة وفي الحلق شوكة، وفي العين قذىً فالفرحة لاتكتمل إلا بعودة جولاننا الحبيب إلى حضن الوطن، وبالصلاة على أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.