المشاكسة توسيعاً للهامش.. في عالم الصحافة والإعلام تتجسد بواسطة ترك انطباع وتحقيق أثر.. تحريك المياه الراكدة.. كلٌ وفق أدواته وأصول معرفته..
يشاكسون.. ويشاغبون على حدود الهوامش وربما نسفوها وفق طريقة عادل كرم في برنامجه «هيدا حكي».. معه لا هامش إنما كل الاختراق وصولاً إلى عقر كل متن.. فلا خطوط أمامه.. لا حمراء ولا خضراء أو سوداء.. كلٌ سواسية بلغة النقد الموجّه إليه من عادل الذي لم يترك أحداً من مسؤولي بلاده إلا وضعه تحت مجهره وتلسكوبه الفاضح.
بسلطة «الكلمة» بات كرم الأكثر منهم سطوةً.. والأكثر قرباً من مواطنيهم.. بالآن ذاته.
لكن.. كم عادل كرم يحتوي بثنا الفضائي العربي.. ؟
محلياً.. تُلحظ محاولات تقديم (نَفَس) مختلف كما في بعض البرامج التي تلاحق أزمات الشارع السوري تقدّمها الإخبارية السورية.. ويُلحظ ذاك (النَفّس) الجديد في التعاطي مع الضيف.. رفع سقف المسموح من السؤال مثلما يحاول برنامج (من الآخر) على الفضائية السورية، الذي يرتفع فيه منسوب «الجدل» بدلاً من أسلوبية سؤال بجواب.. ويجتهد الزميل أمجد طعمة (قناة تلاقي) في خلق حالة مشاكسة.. وطرح شيء يُطبع ببصمته الخاصة.. فيرفع من وتيرة «النقد» في برنامج (غداً قد نلتقي).. ليعود يلعب على الهامش خروجاً من قبضة الاعتيادي المكرور فيذهب بسؤاله الضيف إلى أقصى الممكن، كما حين سأل الفنان جوان قرجولي، مدير دار الأوبرا السورية، في برنامج (إكسترا تلاقي) عن سبب صرفه من منصبه السابق.. ليجيب بشفافية تقابل شفافية وأريحية طرح السؤال.. التي لا تقل عن صراحة المخرج هشام شربتجي حين استفسر منه طعمة عن مواقفه التي صرّح بها بداية الأزمة السورية.
إن لم يقدّم الصحفي- الإعلامي حالة من المكاشفة الجريئة، بالطبع ضمن حدود اللباقة المهنية، فماذا عساه يقدم للمشاهد.. ؟
إن لم يسعَ إلى جذبه بذكاء.. فلِمَ على الآخر متابعته.. ؟
هل يجب على وسائل الإعلام التقليدية أن تلحظ نظيرتها «الافتراضية» وما لها من تميّز ومنافسة تحققهما.. لأنها ببساطة تكتسح كل جدران الهوامش.. فلا ممنوع بعرفها.. لا حجب ولاوصاية.
هي الميزة الأبرز لما يطلق عليه حالياً السلطة الخامسة.. أي مواقع التواصل الاجتماعي.. «السوشال ميديا».
الملاحظة الصادمة أننا في وقت باتت فيه لغة «الافتراض» حقيقةً ساطعة.. أقله إذاً أن تتحوّل لغة الواقع البصرية «الميديوية» إلى لغة حية صادقة.. إلى لغة واقع بكل منحنياته وتعرّجاته.. إلى لغة حياة.. ولتترك «الكليشيهات» الرسمية الجامدة المحفوظة عن ظهر قلب، وراءها.
معظم البرامج والمحطات تتكئ على عكاز «السوشال ميديا».. بمعنى باتت هذه الأخيرة من صلب الفقرات وتتخذ نسب المتابعات عليها في حسبان القائمين على برامج الشاشة الصغيرة.. الذين أدرجوها كنوع من التفاعل المباشر مع المتلقي.
والخلاصة.. على أئمة الميديا التقليدية أن يضعوا مرونة وبهلوانية السوشال ميديا نصب أعينهم.. وإلا باتوا في خبر كان.