تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا اللاتينية..لا ضوء في نهاية النفق

عن:Pravda.ru
متابعات سياسية
الثلاثاء 14-6-2016
ترجمة: وصال صالح

شهدت أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة العديد من المتغيرات التي أدت إلى انقلاب جذري وانتقال للأحزاب من اليسار إلى اليمين، أزمة سياسية خطيرة شلت البرازيل ، الارجنتين أيضاً شهدت تغير رئيسها،

فنزويلا تقف على حافة اشتباكات عنيفة وانقلاب عسكري، في البيرو، وريثة البرتو فوجيموري قادمة إلى السلطة، لماذا تفقد الأحزاب اليسارية التقدمية الأرض في أميركا اللاتينية بسرعة؟‏

بالطبع، تصريحات نيكولاس مادورو بخصوص العامل الخارجي المتمثل –بدعم الولايات المتحدة للمعارضة-صحيح جزئياً إلا أنه ما من عامل خارجي بإمكانه زعزعة استقرار أو هز بلد مستقر ومزدهر اقتصادياً، يمكن أن يقال ذلك لكن لا يوجد مثل هذه الدولة في العالم في الوقت الراهن، ونحن جميعاً لا نزال نشعر بآثار الأزمة المالية العالمية، هذا صحيح أيضاً، مع ذلك هناك دول في أميركا اللاتينية تنمو بشكل مطرد، حتى لو تغيرت حكوماتها، مثل تشيلي، كوستاريكا، السلفادور، أورغواي، ما هو الأمر إذاً ؟ الأمر يتعلق بأسس الاقتصاد الذي يقوم عليه كل شيء.‏

في البرازيل لم تفعل ديلما روسيف (حزب العمال) أكثر مما فعله من سبقوها، هي تلاعبت بالميزانية، اقترضت المال من المصارف الخاصة لدفع الاستحقاقات الاجتماعية،الخ .مع ذلك فإن اقتصاد البرازيل قد يعاني من تراجع اقتصادي-غير مسبوق، المعارضة البرازيلية استفادت من استياء الطبقات الوسطى والتي بدأت رواتبها الحقيقية تتراجع عاماً بعد عام، وعليه فقد أدت فضيحة الفساد الكبرى المستعرة منذ عام 2014 لإخضاعها للمساءلة والإبعاد المؤقت للرئيس روسيف عن السلطة، وكما نعلم جميعاً ، بقدر ما تتغيرالأشياء بقدر ما تبقى هي نفسها، من الصعب تصديق أن ديلما روسيف ستعود إلى مكتبها.‏

في الارجنتين، كانت الأزمة الاقتصادية قوية وساهمت في هزيمة كيرشنر(البيرونية) وفي تشرين الثاني 2015تولى السياسي الليبرالي الموالي للولايات المتحدة موريسيو ماكري منصبه الجديد كرئيس للارجنتين وأجرى ماكري إصلاحات اقتصادية جذرية وبدأ الاقتراض من السوق الدولية، وفي الوقت نفسه عمل على إلغاء المنافع الاجتماعية ، رسوم التصدير وخفض الإنفاق على نظام التعليم.‏

قوات جناح اليسار فقدت أجنحتها بسبب رعونتها: في فنزويلا، لا يزال الرئيس نيكولاس مادورو متمسكاً بالسلطة، وأصبح زعيم فنزويلا في عام 2013 بعد رحيل سلفه الرئيس هوغو تشافيز وكان حزبه خسر الانتخابات البرلمانية العام الماضي ونتيجة لذلك يسيطر معارضوه من الليبراليين على السلطة والآن يرزح تحت ضغط العامل الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط.‏

قبل بضعة أسابيع انتهت الجولة الأولى من انتخابات بيرو بانتصار مرشح اليمين كيكو فوجيموري وهي ابنة الديكتاتور البرتو فوجيموري، لذلك فقد يحل السياسي الليبرالي الجديد محل القوات اليسارية في بيرو كذلك.‏

قبل عشر سنوات كان الوضع مختلفاً تماماً، حيث بزغ نجم القوى اليسارية مع فوز تشافيز في الانتخابات الرئاسية عام 1998 في فنزولا ولولا دا سيلفا في البرازيل عام 2002ونيستر كيرشنر في الارجنتين عام 2007 و تاباري فاسكز في أورغواي عام2004 وإيفو موراليس في بوليفيا عام2005 وخلال الفترة الممتدة من عام 2006 حتى 2011 فاز اليسار بالانتخابات في نيكاراغوا، إكوادور-باراغواي وبيرو، وأصبحت تلك الانتصارات ممكنة بسبب العواقب الكارثية للاقتصاد الليبرالي الجديد في أواخر التسعينيات، مع رفع القيود عن الاقتصاد وفتح سوق الخصخصة للشركات الأجنبية، وأدت هذه الأحداث إلى تفاوت كبير في الثروة مع عدم انتباه النخب المحلية لها منذ البداية.‏

استفاد اليسار من الحركات الاجتماعية للفلاحين المعدمين في البرازيل والهنود في بوليفيا وفقراء الحضر في الارجنتين الخ، نشأت حركة PTالبوليفية الاشتراكية مباشرة من تلك الاحتجاجات، في عام 2003 شهدت تلك الحكومات التقدمية ارتفاع الطلب على الموارد الطبيعية وزادت بوليفيا ميزانيتها بمقدار ست مرات من 2005 إلى 2013 و رافق ذلك تدفق الاستثمارات من الاقتصاد الصيني النامي بشكل ديناميكي إلى امريكا اللاتينية، وسمحت تلك الإيرادات بإنشاء نظام الدعم الاجتماعي لأفقر طبقات الشعب ،النتائج كانت ساحقة وتجلت بالقضاء على الفقر وارتفاع نسبة التعليم وتكوين الطبقة الوسطى في كل مكان، ومع ذلك بعد أزمة 2008-2009 لم يتعاف الاقتصاد العالمي.في البلدان المتقدمة، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، لم ترتفع الأجورالحقيقية في البلاد خلال السنوات الثماني، وتوقفت الصين وهي القوة الدافعة والمحرك الرئيسي للسوق عن شراء المواد الخام من أمريكا اللاتينية وشهد الناتج الإجمالي المحلي في أمريكا اللاتينية انخفاضاً بنسبة 0.1 بالمئة في عام 2015 لأول مرة منذ عام 2009 ، تجدر الإشارة إلى أن الصين تعد ثاني أكبر شريك تجاري في المنطقة بعد الولايات المتحدة لكنها الشريك الأساسي للبرازيل، تشيلي وبيرو والثاني لمكسيكو، فنزويلا والارجنتين، وتتويجاً لذلك انخفضت أسعار المواد الخام خاصة النفط في كل مكان.‏

وتبين لاحقاً أنه خلال سنوات الرخاء لم تقم حكومات اليسار بإنشاء قاعدة للتحويل إلى الاقتصاد الموجه على الصعيد الوطني، وتحولوا إلى البلدان ذات ثقافة التصدير الواحدة، على سبيل المثال2/3 إلى 3/3 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في بمباس الأرجنتينية خصصت على مدى السنوات ال15 الماضية لزراعة فول الصويا مونسانتور المعدل وراثياً و هذا يذهب إلى الصين كعلف للماشية، وفي البرازيل ادت المحاصيل المعدلة وراثياً إلى ظهور البعوضة التي تحمل فيروس زيكا، فنزويلا أصبحت رهينة لإمدادات النفط ورافق هذه التغييرات الشيخوخة والتحضر السريع ونمو الجريمة في الشوارع وارتفاع الفساد في كل مكان نتيجة العقلية المحلية والبنية الأوليغارشية للدولة. يضاف إلى ما سبق الإثراء الشخصي للسياسيين مثل آل كيرشنر التي زادت أصولهم سبع مرات وبدت خزائن الدولة فارغة والمجتمع ينقسم نتيجة ذلك الطبقات الوسطى تشعر بالاستياء والفقراء يهددون بالنزول إلى الشارع.‏

الاشهر الستة الاولى لموريس ماكري في السلطة لا تشير إلى أن هناك ضوءاً في نهاية النفق، انتاج الصلب وقطاع البناء انهار من 16-20 بالمئة، فواتير المياه والكهرباء في ازدياد، الدين العام ينمو والتضخم إلى ارتفاع ووصل ذروته ما بين كانون الأول إلى نيسان، بالإضافة إلى ذلك فقد انقسمت القارة سياسياً بسبب الشرعية المشكوك بها لتغير السلطة في البرازيل حيث اعترفت الارجنتين بالحكومة الجديدة لميشال تامر، لكن أورغواي وفنزويلا والسلفادور لم تفعل ذلك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية