|
ليس مجرد تقدير.. إضاءات وكل التقدير لمن يحافظ على المستوى الراقي للدراما السورية.. مع الشكر لمن عمل ويعمل في هذه الظروف الصعبة. الكلمات السابقة كتبها منذ بضعة أيام المخرج احمد إبراهيم الأحمد على صفحته في الـ(فيسبوك)، وهي على بساطتها تعني أشياء كثيرة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المخرجين اللذين وجهت لهما التحية يتنافسان مع صاحب التحية في هذا الموسم الدرامي الرمضاني، كما هو الحال في كل موسم، على استقطاب المشاهدين، ومجرد إشادة أحد منهما بعمل لآخر هو بمنزلة دعوة للجمهور من أجل مشاهدة هذا العمل. وخاصة (أكثر) إذا استعدنا ما كان عليه شكل التنافس بين المخرجين الدراميين التلفزيونيين، والعاملين في الدراما التلفزيونية عموماً، في النصف الثاني من التسعينيات، والذي أقل ما يقال فيه إنه افتقد الحد الأدنى من آداب الحوار وأخلاقيات النقد. ففي تلك الفترة دخلت إلى عالم الإنتاج الدرامي تجارب جديدة في الكتابة والتمثيل والمؤثرات البصرية والإخراج، فتعددت النماذج والرؤى الإخراجية، وكان من نتيجة ذلك أن شهدت الدراما التلفزيونية السورية تألقاً محلياً وعربياً تمثل في بعض جوانبه في الحوارات المهمة التي دارت حولها، وفي فوزها بجوائز المهرجانات التلفزيونية العربية، والأهم بينها مهرجان القاهرة، بحكم مكانة مصر في الفن الدرامي العربي، وحضورها الطاغي على شاشات المحطات العربية، والذي تقلص قليلاً بسبب توجه تلك المحطات حينذاك لعرض الدراما السورية (إلى جانب المصرية وليس بديلاً منها) تلبية لرغبة مشاهدي تلك المحطات. غير أن هذا التقلص الضئيل لم يمر مرور الكرام بالنسبة للمصريين أصحاب الخبرة الواسعة في الإنتاج والتسويق الدرامي، فبذلوا كل ما بوسعهم، عربياً، للحفاظ على حضورهم الطاغي على المحطات العربية، وسعوا بكل طاقاتهم، محلياً، لاستنهاض الهمم بالحديث عن الأخطار التي تواجهها الدراما المصرية، مروجين للمقولة الأكثر شيوعاً، يومذاك، عن سحب البساط من تحت الدراما المصرية. المفارقة أن تلك المقولة لقيت رواجاً عند المنافسين بأكثر مما فعلته في وسط المروجين. ولعب الزهو بسلوك عدد من الدراميين السوريين، وبعد أن (أقصوا) الدراميين خارج سورية عن المنافسة - حسب توهمهم- ، انصرفوا للتنافس فيما بينهم، المؤسف أن تنافسهم لم يكن على طريقة أسلافهم من رواد الدراما التلفزيونية الذين كانوا يجتمعون في احتفال صغير عقب انتهاء عرض عمل أحدهم يقدمون فيه التهنئة، والملاحظات الجادة، والاستنتاجات. تنافس الجيل التالي لم يكن على تلك الصورة البهية، وإنما عبر الصحافة الفضائحية الصفراء الصادرة في غير مدينة عربية، والمكتظة بأعداء الدراما السورية، بحكم أنها سورية. وحتى لا يعتقد أحد أن في الأمر مبالغة (أو ميلاً فطرياً للحديث عن المؤامرة) يمكن أن يسأل من يثق به من مكاتبي تلك الصحف في دمشق كيف أن تعليمات واضحة كانت تشترط أن تتضمن المواد التي سيرسلونها انتقادات حادة من الدراميين السوريين بحق أعمال زملائهم، وآراء شخصية تصل إلى مستوى الشتائم الشخصية. لم يقبل كثير من أصحاب الأقلام النزيهة الانجرار إلى ذلك المستنقع. ولكن، وبطبيعة الحال لم تفتقد تلك الصحف الصفراء مكاتبين (صفر) وجدوا في هذه التعليمات ما يستجيب لهواهم، وضحالة قيمهم، وأمراضهم المخبوءة. وحتى لا نظلم بعض الدراميين الذين تورطوا في الحالة لسبب أو آخر، فإن الأمر لا يقتصر عليهم، ففي كل مجالات الإبداع نجد من لا يميز بين النقد، والشتائم. وخاصة أولئك المعجبين بأنفسهم من دون سبب مقنع، ممن يعتبرون تجربتهم الشخصية (بصرف النظر عن قيمتها) معياراً ومرجعاً وحكماً، وتحديداً أولئك الذين أتاحت لهم ظروف شاذة أن يتواصلوا مع الناس عبر منبر ما، فوجدوه فرصة لنضح ما في أنفسهم من كراهية، وأحقاد، وشعور بالدونية والضآلة تخفيه مظاهر استعلائية لا تجد حرجاً في التطاول على قامات ثقافية وإبداعية وفكرية عملاقة، وإلصاق صفات بشعة بها. هي في الحقيقة صفات من يحكي، لا صفات المحكي عنه. لهذا، وسواه، تكتسب مبادرة المخرج أحمد ابراهيم الأحمد قيمة أكبر مما تبدو عليه للوهلة الأولى، كخطوة واجبة للحفاظ على أخلاقيات الكلمة. www.facebook.com/saad.alkassem
|