تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شاعروقصيدة.. طلال سليم.. يسرد اقصوداته من آخر تخوم صلنفة

ثقافة
الأربعاء15-6-2016
علي الراعي

سنة 2007 دعانا الشاعر السوري طلال سليم؛ «لنجالس المطر» أولى إصداراته الشعرية، وبعد ذلك بثلاث سنوات، أي في سنة 2010؛ دعانا مرةً أخرى للإصغاء لـ «حكايات مسمارية» ولن يطول به الوقت، أي في السنة التالية 2011،

ليحكي لنا قصة «أحد عشر إصبعاً» ثالثته الشعرية، وفي عام 2013؛ يُلاحق «شهوة الخريف» الفصل الذي نوّع على تحولاته بعشرات القصائد الشعرية.‏

إذا خلال أربع مجموعات شعرية، لا يفصل بينها الكثير من الوقت؛ عبر الشاعر طلال سليم على قوارب المجاز؛ ليحجز مكانه في ديوان الشعر السوري بملامح جمالية ميزت تجربته على حدٍّ بعيد تلك التجرية، التي تأخذ خطها البياني من ذلك القصي الريفي والطفولي، من «بلوطة»، الضيعةٍ العزلاء المنسية، والمتروكة على آخر التخوم في منطقة صلنفة - كما يصفها - والتي شكلت خلال المحنة السورية إغواءً لقطيع الذائاب البربرية التي استباحتها، وارتكبت فيها ما يندى له جبين البشرية.‏

ومن هذه الضيعة يذكر: «فررت من جذورها نحو الله؛ أبحث عن عصافيرها المشردة» تلك العصافير التي شكلها قصائد تأخذ من ذلك المكان القصي زمانياً ومكانياً مشاهد وخلفيات لقصائده التي نوّع عليها بأربعة دواوين من الشعر، وذلك كان الملمح الأول في شعر طلال سليم، أي تلك المشهدية التي يُفعمُ بها بصرياً فضاء القصيدة، مشهدية من زمن الطفولة وأجواء الريف من منحنيات وسفوح، ومراعٍ، وهنا الأمر لا يأتي نستالوجيا، بل يأتي لإغناء نصٍّ شعري بحيث يُفارق - ما استطاع إلى ذلك سبيلا - تقليدية باتت تسمُ القصيدة الحديثة، وكأنها تمتحُ من قاموسٍ شعريٍّ واحد، وهذا ما يقودنا إلى الملمح الثاني، وهو ما تتطلبه تلك المشهدية الشعرية، وأقصد «الحكائية» الأمر الذي ذهب به صوب «الأقصودة» أي القصة القصيرة جداً في الكثير من النصوص، وهنا لا تكمن أهمية ما يكتبه سليم في النص المكثف، الذي «يُفصل» كامل الحكاية بعددٍ محدودٍ من الكلمات، بل بذلك «المكر» لهذا النوع الإبداعي، الذي يأخذ «بيت القصيد» من جنسين أدبيين: القصة القصيرة جداً، والقصيدة، وذلك بإطاحته بالحدود الفاصلة بينهما، مُشكلاً من حكائية الأولى، وشعرية الثانية لإنتاج عماراته الإبداعية «الأقصودة»؛ وهي أقصودات تهرب من عنوانيها، في غالب القصائد، فيستعيض عنه بالأرقام، أو قد يستعصي العنوان عن الحضور تماماً حيناً آخر، فيترك له فراغاً موحياً بين قوسين كبيرين، ليترك للمتلقي - ربما - مهمة الاشتغال على عناون القصيدة..!!‏

وفي ديوان الشعر السوري اليوم، نقرأ لطلال سليم هذه الأقصودات:‏

تساؤلات‏

من أفتى بقطع الصنوبر‏

حين أبان ساقيه العاريتين‏

فوق ضفاف البحيرة ؟!‏

...‏

حروف‏

جدتي؛‏

سأمنحك اللام‏

عُكاز حنين‏

ابنتي؛‏

سأعطيك التاء المربوطة‏

عجلة تفرين عليها‏

صوب القمر‏

صديقتي؛‏

ما رأيك بالنون‏

قدرٌ نُطعمُ العصافير به‏

جهات الروح‏

من مجموعة «لنجالس القمر»‏

الطبل‏

حتى‏

الآن لم يقتنع الطبل؛‏

أنّ كلّ ما يتلقاه‏

من ضرباتٍ؛‏

ليست سوى‏

للرقص.‏

...‏

في الصيف‏

يصبحُ‏

نهرُ قريتنا‏

أمياً، ولا يقرأ‏

حتى مجراه؟‏

...‏

لو كان‏

الحب قطاراً يجري،‏

سأجلس‏

في آخر العربات،‏

فأنا‏

لا أود النزول منه‏

إلا متأخراً.‏

...‏

لا تزالُ‏

تحتفظُ حبة الزيتون المكسورة‏

بقلبٍ قاسٍ‏

للثأر.‏

من مجموعة «شهوة الخريف»‏

عدالة‏

قال خروفٌ‏

جُزّ صوفه للتو:‏

ما أبغضكم..‏

تتدثرون بثيابي‏

وأنا أرتجف‏

قال الجزّار:‏

لا ترتجف يا حبيبي‏

سأشعلُ لك النّار !!‏

...‏

عند الساقية؛‏

تُحاول‏

منذ البدء‏

شجرة الحور‏

أن تصل السماء،‏

وحين تعجز‏

تبكي‏

أوراقاً صفراء.‏

...‏

تُسافرُ‏

الدروبُ وحيدة،‏

حتى أعالي الجبال‏

بحثاً عن صديق؛‏

حتى‏

لو كان حجراً‏

من مجموعة «أحد عشر إصبعاً»‏

حكايات مسمارية‏

أبغضُ‏

المسمارَ لرجولةٍ‏

يدّعيها أمام الخشب‏

مُتناسياً المطرقة‏

أكرهُ‏

المطرقة لفحولةٍ‏

تدعيها أمام المنابر‏

دون ذكرٍ للسواعد‏

أسرار‏

عندما يصلُ الحطابون‏

صباحاً‏

تكون الصّحراءُ‏

قد خبأت كلَّ أشجارها‏

في الليل‏

تحت الرّمل‏

alraee67@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية