تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحب و التعليم ... خطوات لتربية سليمة

مجتمع
الأحد 4-10-2015
أيمن الحرفي

وهب الانسان القدرة على التعلم و معرفة كل ما يتصل به من أشياء حتى يستطيع بالعقل أن يسخر كل شيء لخدمته , فاستطاع أن يجعل نواحي الحياة المادية مسخرة لما تعود عليه بالراحة و الرفاهية فقهر القوى التي تعوق تقدمه أو تعيده للوراء .

لقد وصل الانسان إلى مكانة علمية عجيبة في الاختراع و الاكتشاف و التطور فهل اعتنى بالتربية و علم نفس تربية الطفل , هذا الكائن الذي هو بين يديك الآن هي مشكلة كل منا في الحياة و هي أهم من أي أمر آخر , علينا أن نعرف كيف نربي هذه الذات القادمة لتواجه الحياة . علينا أن نضع هذا الرجل المتمتع بالعقل المدرب على التفكير و الاستنتاج و التحليل و من ثم العمل فهو يمتلك جهازاً عصبياً سليماً صادقاً لا ينقصه إلا نقل الخبرات القديمة المنتقاة و تعريفه و تطبيق ما هو حديث سواء في العالم المحيط بنا أم في أساليب التربية الحديثة .‏

و الطفل كما له حاجات جسدية كالغذاء و الكساء و النوم و الوقاية من المرض و حاجات نفسية كالعطف و الحنان و الرعاية فهو أكثر ما يكون بحاجة إلى التربية و التعليم و التأهيل .‏

و البيئة و الناس عاملان مهمان في صوغ الطفل و تشكل شخصيته فهما يحددان علاقاته مع أقرانه و مع المحيط به من كبار وصغار و أقارب و جيران .‏

هذا الأثر يلازمه في مختلف مراحل الحياة و كل طفل يولد في مجتمع أو بيئة لها ثقافتها و خصائصها و تراثها و آمالها و نظرتها للمستقبل .‏

و الطفل شئنا أم أبينا هو وليد أطراف مختلفة و متنوعة كالبيت و المدرسة و الحي و كل ذلك يمكن أن يكون في الريف أو المدينة في حي قديم أو حديث , غني أو فقير في أسرة فقيرة أو ثرية .. كل ذلك أمور يرى فيها الطفل نفسه مسيراً لا مخيراً .‏

في هذه الظروف الخارجة عن إرادة الطفل يأتي دور الأهل ليتعاملوا مع هذه الظروف كل حسب استطاعته لاشباع حاجاته النفسية لينمو نمواً طبيعياً و الطبيعة البشرية تقتضي نقل خبرات الآباء إلى الأبناء و مزجها مع خبرات الحاضر فما من خبرة إلا و يسرع الانسان إلى أبنائه ليعلمهم نتيجتها فيستوعبون بعضها و لا يستوعبون بعضها الآخر فيتقدم حالهم عما كان عليه آباؤهم و يحدث نفس الشيء بالنسبة لكل جيل فتتطور البشرية و تتجدد .‏

و قد توصل العلماء إلى أن الانسان يستطيع أن يتعلم من علوم المعرفة ما لا حصر له ... إننا نتعلم في كل لحظة تمر بنا علوماً و معارف جديدة و معلمنا هو كل مصدر و يضيف إلى خبراتنا و معلوماتنا جديداً و استقبال المعلومات و الخبرات لا يشترط مؤهلات معينة و لا سناً محدداً فالعلم و المعرفة أمور مطلوبة منذ وجودنا على هذه الحياة صغاراً و حتى الوقت الذي نفارق فيها الحياة .‏

و التعلم و المعرفة لا ينحصران بقراءة الكتب فالمجال أوسع و أرحب إذ يشمل كل ما يمر به الانسان من مواقف و خبرات , فالآباء ينقلون للأبناء خبراتهم لتكون زاداً لهم في مواجهة مطالب الحياة ليكون طفل اليوم رجل الغد . كما يقول الإمام الغزالي : « من أصاب علماً فاستفاد منه و أفاده كان كالشمس تضيء لنفسها و لغيرها و هي مضيئة» .‏

يتساءل الآباء كيف نربي أطفالنا ؟ ما هي الطريقة المثلى و الأسلوب الأنجع ؟ أكثر ما يخشى علماء النفس و تربية الطفل أن يندرج الآباء تحت هذين النموذجين إما حزم و قسوة نابعة من الخوف الشديد على الطفل أو تساهل مغلف بالدلال المفرط و اللامبالاة .‏

لهذا يلزم التوازن في المعاملة بين الحزم و اللطف المغلف بالحب و الاحترام و التعاون و الاستجابة لارشاداتهما .‏

و يبحث الآباء عن الطريقة الأفضل لتربية أطفالهم و بنفس الوقت تحقيق متطلباتهم من الأبناء و هي التعاون و الاستجابة لارشاداتهم و تعليماتهم في ضوء المثل العليا و الاعتدال في الأمور و المثابرة و الاجتهاد .لكنهم يصطدمون بتصرفات الأبناء و لا مبالاتهم و أنانيتهم و عدم تقدير مشاعر الأب و الأم حتى أنهم ينظرون إليهما على أنهما مجرد خزائن للصرف المادي. إذا ما الحل ؟ يجيب اختصاصيو علم نفس تربية الطفل ان المسألة ببساطة تتلخص بمبادلة هذا الطفل الحب بالمفهوم الحقيقي حتى يتشبع لديه عندها يحس الابن أن والده يرعاه بالنظرة الواثقة المعبرة و الهادئة و الحنان و الرعاية فيتصرف الابن تجاه العالم المحيط به باعتدال و تقدير للأمور و يبتعد عن ممارسة الابتزاز أو السيطرة مع أمه ... هذا التعزيز العاطفي المتبادل بين الأبوين و طفلهما يمثل جدار الحماية الأول و الأساسي للطفل عندها يلجأ الطفل إلى العائلة لأنها الملاذ الآمن و لا يلجأ للشارع هرباً من الجو العائلي المضطرب فالطفل مرآتنا .. هم عيوننا و آذاننا التي نرى و نسمع بهما إنهم تكرار لنا يضاعفون خيرنا و فضائلنا في هذا العالم و كذلك يضاعفون صورتنا السلبية إن أسأنا تربيتهم . و لا يخفى على أحد دور الأم العظيم في الأسرة فهي كما تقول الشاعرة هند هارون و هي تخاطب ابنها:‏

تـذكـر بني جفــون الســهاد تذكر دموعي قرب السرير‏

و ذاك الشحوب على وجنتي يخط سطور العذاب المرير‏

أراقب ولهى نجوم الســماء أسائل نجمي :أيشفى صغيري؟‏

فلا تلقوا باللوم على الطفل فهو بريء تماماً يصطاد الحب بعينيه الصافيتين و ضحكته الرائعة و صوته ذي البصمة الواحدة و المختلفة عن الآخرين .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية